تصدع في جبهة نتنياهو: مؤيدو الليكود يريدون إنهاء حرب غزة

وكالة أنباء آسيا

2025.08.26 - 10:28
Facebook Share
طباعة

أظهر استطلاع جديد للرأي في إسرائيل تحولاً لافتاً في المزاج العام، إذ كشف أن أكثر من ثلثي الإسرائيليين يفضلون إنهاء الحرب على غزة من خلال صفقة تبادل للأسرى مع الفصائل الفلسطينية، مقابل أقلية ما زالت تتمسك بخيار استمرار القتال. هذه النتائج تأتي في وقت يشهد الداخل الإسرائيلي تصاعد الاحتجاجات وضغوطاً غير مسبوقة على حكومة بنيامين نتنياهو، ما يعكس أن قضية الأسرى باتت مدخلاً أساسياً لإعادة رسم أولويات المجتمع والسياسة على السواء.

 

بحسب الاستطلاع، فإن نحو 73.7% من الإسرائيليين يؤيدون التوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى إذا كان ذلك يعني وقف الحرب، بينما لم تتجاوز نسبة من يرون ضرورة الاستمرار في العمليات العسكرية 26.2% فقط. هذه الأرقام تمثل تراجعاً واضحاً في الخطاب الشعبي الذي ساد الأشهر الأولى للحرب، عندما كانت الدعوات تتجه نحو "الحسم العسكري" وتصفية حركة حماس. ويُظهر الاستطلاع أن الكلفة البشرية والاقتصادية الباهظة، إلى جانب غياب أفق للنصر العسكري، دفعت شريحة واسعة من المجتمع الإسرائيلي لإعادة النظر في جدوى استمرار الحرب.

اختراق في معاقل الليكود

المفاجأة الكبرى جاءت من داخل القاعدة الانتخابية لحزب الليكود، حيث أبدى أكثر من نصف مؤيدي الحزب الحاكم استعدادهم لإنهاء الحرب عبر صفقة تبادل، رغم أن الخطاب الرسمي لنتنياهو يرفض أي اتفاق يرى فيه "خضوعاً للإرهاب". هذا التحول يكشف حجم التصدع في الحاضنة التقليدية لرئيس الوزراء، إذ يضعف موقعه أمام شركائه اليمينيين المتشددين من جهة، وأمام المعارضة من جهة أخرى.

أقصى اليمين ليس كتلة صلبة

الاستطلاع أشار كذلك إلى أن أقل من ثلث الناخبين المنتمين إلى أقصى اليمين يرون ضرورة استمرار الحرب، بينما تميل الأغلبية إلى القبول بصفقة توقف القتال. هذا المؤشر مهم لأنه يكشف أن حتى التيارات المتشددة، التي لطالما رفعت شعار "لا مفاوضات مع الإرهاب"، بدأت تفكر ببراغماتية أكبر بفعل ضغط الواقع، حيث يضع ملف الأسرى ثقلاً هائلاً على أي حسابات سياسية أو انتخابية قادمة.

 

على الصعيد الداخلي، تمثل هذه الأرقام إنذاراً للحكومة الإسرائيلية. فالمزاج الشعبي لم يعد متماهياً مع خطاب "الأمن القومي" الذي تبنته المؤسسة العسكرية والسياسية منذ بداية الحرب. ومع استمرار المظاهرات الأسبوعية التي تقودها عائلات الأسرى وتشارك فيها قوى المعارضة، يبدو أن نتنياهو بات أمام أزمة مضاعفة: تراجع الثقة الشعبية من جهة، وضغط الحلفاء في اليمين المتطرف من جهة أخرى. وإذا استمرت الفجوة بين خطاب الحكومة ومطالب الشارع، فقد يجد رئيس الوزراء نفسه أمام تحديات تهدد بقاءه السياسي.

 

على المستوى الخارجي، تضيف نتائج الاستطلاع عاملاً جديداً في حسابات إسرائيل مع حلفائها. فالدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تراقب عن كثب تراجع التأييد الشعبي لاستمرار الحرب، وهو ما قد يُستخدم كورقة ضغط لدفع الحكومة الإسرائيلية نحو القبول بمسار تفاوضي. كما أن بروز خيار الصفقة كأولوية شعبية قد يمنح الأطراف الدولية الميسّرة ـ مثل قطر ومصر ـ زخماً إضافياً في جهود الوساطة.

 

منذ السابع من أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حرباً واسعة على قطاع غزة، أوقعت عشرات آلاف الشهداء والجرحى الفلسطينيين وألحقت دماراً غير مسبوق بالبنية التحتية المدنية. ورغم مرور ما يقارب العامين على الحرب، ما يزال عشرات الأسرى الإسرائيليين محتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، ما جعل قضيتهم تتصدر المشهد السياسي الداخلي وتثير انقسامات عميقة في الرأي العام. وبينما تتمسك حكومة نتنياهو بخيار الاستمرار في العمليات حتى "القضاء على حماس"، يظهر أن غالبية المجتمع الإسرائيلي باتت ترى في وقف الحرب وإبرام صفقة تبادل مخرجاً ضرورياً لإنهاء النزيف المستمر.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 3