أثارت تصريحات وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، موجة جدل واسعة داخل إسرائيل وخارجها، بعد دعوته صراحةً إلى إعادة بناء "الهيكل" على القدس الشريف، مع الإعلان عن استعداد حكومي لتوفير الدعم المالي للمشروع. تصريحات الوزير جاءت خلال مؤتمر حضره عدد من الشخصيات الدينية والسياسية، وهو ما يضع جبل الهيكل مرة أخرى في قلب صراع سياسي وديني يمتد لعقود، ويثير تساؤلات حول انعكاسات هذه الخطوة على العلاقات الإقليمية والدولية لإسرائيل.
خلال كلمته، قال سموتريتش: "سأوفر المال، وأنتم قوموا بالبناء"، في تصريح مباشر وغير مسبوق، يشير إلى رغبة الحكومة في دعم مشاريع دينية حساسة. هذه الدعوة لم تكن مجرد عبارة سياسية، بل تحمل بعدًا رمزيًا يستهدف إشراك القاعدة الشعبية الداعمة لإعادة بناء الهيكل، وفي الوقت نفسه إرسال رسالة واضحة للمجتمع الدولي عن نية إسرائيل في المضي قدمًا في سياسات تتعلق بالقدس والمواقع الدينية.
المتحدثون من محيط الوزير وصفوا كلماته بأنها "تأكيد على وحدة الحكومة الإسرائيلية تجاه مشروع الهيكل"، لكن مراقبين آخرين رأوا فيها استفزازًا محتملًا للأطراف الفلسطينية والدولية، وهو ما قد يعقد الوضع السياسي في المدينة المقدسة.
أبدى رئيس بلدية القدس، موشيه ليون، دعمًا مباشرًا لتصريحات الوزير، معتبرًا أن هذه المبادرة تعكس تعزيزًا لمكانة القدس ودعمًا للقيم الدينية المرتبطة بها. ليون أشار إلى أن الحكومة يجب أن تكون موحدة في إدارة ملفات المدينة المقدسة، وأن أي خطوات نحو مشروع الهيكل يمكن أن تكون محفزة لتعزيز الهوية الدينية الوطنية.
على الجانب الآخر، هناك أصوات سياسية داخل إسرائيل ترى أن هذه التصريحات قد تؤدي إلى تصعيد داخلي وخارجي، خصوصًا في ظل حساسيات دينية وسياسية تاريخية تحيط بالقدس والمواقع المقدسة.
خبراء الشأن الإسرائيلي يشيرون إلى أن تصريحات الوزير قد تؤدي إلى توترات مع الفلسطينيين، الذين يعتبرون الموقع جزءًا من حقوقهم الدينية والسياسية، كما قد تثير انتقادات من المجتمع الدولي ومنظمات دينية وسياسية مختلفة.
التصريحات تأتي في وقت حساس، حيث تزداد التدخلات الإقليمية والدولية في ملف القدس، ما يعني أن أي خطوة ملموسة تجاه إعادة بناء الهيكل يمكن أن تؤدي إلى تصعيد دبلوماسي أو حتى مواجهات محدودة في المنطقة.
تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش حول إعادة بناء الهيكل على جبل الهيكل تضع القدس مرة أخرى في مركز الصراع السياسي والديني. المدينة ليست مجرد موقع جغرافي، بل ساحة رمزية ذات أهمية دينية وسياسية هائلة، وأي تحرك فيها يثير انتباه كل الأطراف الإقليمية والدولية. تصريح الوزير يذكّر بأن إدارة القدس تتطلب دقة عالية، وقد تتحول أي خطوة غير محسوبة إلى أزمة إقليمية معقدة.
“الهيكل المزعوم”
في التاريخ اليهودي، يُعد جبل الهيكل أقدس مكان على الإطلاق. هنا بُني المعبد الأول في القرن العاشر قبل الميلاد على يد الملك سليمان، وكان يضم تابوت العهد الذي يُعد رمزا للحضور الإلهي. بعد تدمير المعبد على يد البابليين، أعيد بناء المعبد الثاني بعد عودة اليهود من السبي البابلي، وتم توسيعه على يد هيرودس الكبير. لكن الدمار النهائي على يد الرومان في عام 70 ميلادية ترك الموقع بلا أي هيكل قائم، وتحول إلى رمز للحنين الديني والوطني لدى اليهود، مما يفسر استمرار الطموحات لإعادة بنائه حتى اليوم.
بالنسبة للمسلمين، يحمل الموقع اسم الحرم الشريف، ويضم المسجد الأقصى وقبة الصخرة. يعتبر هذا الحرم ثاني أقدس موقع في الإسلام بعد مكة المكرمة، ويحتوي على رموز دينية وروحية عميقة. عبر القرون، ظل الحرم مركزًا للصلاة والتعليم الديني، لكنه كان أيضًا محورًا للصراعات السياسية، خاصة خلال الحروب الصليبية وفترات الاحتلال المختلفة.
الهيكل المزعوم ليس مجرد موقع تاريخي، بل رمز للهوية الدينية والوطنية لكل الأطراف. أي تصريح أو خطوة تجاهه يثير اهتمامًا عالميًا، ويخلق ضغوطًا سياسية ودبلوماسية. المشاريع المرتبطة بالهيكل المزعوم تحمل دائمًا تأثيرًا إعلاميًا واسعًا، وتؤدي إلى استنفار الرأي العام الفلسطيني والدولي، وربما تحفز على احتجاجات شعبية وتصعيد أمني.
إدارة جبل الهيكل والهيكل المزعوم تظل قضية معقدة. الحكومة الإسرائيلية تواجه تحديات مستمرة بين الأحزاب الدينية واليمينية التي تؤيد المشروع، والأحزاب الوسطية واليسارية التي تحذر من التبعات الأمنية والدبلوماسية. كما أن التفاعلات الإقليمية والدولية تجعل أي خطوة ملموسة في هذا الموقع مسألة دقيقة، حيث يمكن أن تؤدي إلى أزمات إقليمية إذا لم يتم التعامل معها بحكمة سياسية ودبلوماسية عالية.