هل يقف الاقتصاد الإسرائيلي أمام أزمة هي الأكبر منذ سنوات؟

وكالة أنباء آسيا

2025.08.25 - 02:21
Facebook Share
طباعة

شهد الاقتصاد الإسرائيلي في الربع الثاني من عام 2025 انكماشًا حادًا بنسبة 3.5%، وهو أول تراجع فصلي منذ بداية الحرب مع حركة حماس في أكتوبر 2023. ويشير هذا الانخفاض إلى حجم الضغوط الاقتصادية التي فرضتها التطورات العسكرية الأخيرة، خصوصًا الحرب القصيرة مع إيران في يونيو 2025، والتي استمرت 12 يومًا، لكنها تركت آثارًا عميقة على النشاط الاقتصادي الوطني.

 

أحد أبرز الأسباب التي دفعت بالاقتصاد الإسرائيلي إلى هذا الانحدار كان تعطل الاستهلاك الخاص. إذ سجلت بيانات وزارة المالية انخفاضًا في الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 4.1%، نتيجة لتزايد حالة عدم اليقين بين المستهلكين، الذين اختاروا الاحتفاظ بأموالهم بدل الإنفاق على السلع والخدمات. هذا التراجع لم يكن محصورًا في الأسر فقط، بل امتد إلى القطاع الاستثماري، حيث انخفضت الاستثمارات الثابتة بنسبة 12.3%، نتيجة لتأجيل أو إلغاء العديد من المشاريع الكبرى.

كما أسهم تعطل الأعمال التجارية والبنية التحتية في ضرب معدلات الإنتاج. الهجمات الصاروخية الإيرانية وأعمال التخريب المصاحبة لها أدت إلى تعطيل الشركات والمؤسسات، خصوصًا الصغيرة والمتوسطة، ما انعكس مباشرة على الإيرادات وارتفاع معدلات البطالة المؤقتة في بعض المناطق.

 

الحرب مع إيران لم تكن مجرد صراع عسكري محدود، بل مثلت اختبارًا حقيقيًا للقدرة الاقتصادية لإسرائيل على الصمود. على مستوى قطاع الأعمال والتجارة، توقفت العديد من الشركات عن العمل، وتعرضت سلاسل الإمداد للتعطيل بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للنقل والشحن.

القطاع المالي، رغم الضغوط، أظهر بعض القدرة على التكيف، حيث تمكنت البنوك من المحافظة على أرباحها جزئيًا عبر رسوم الخدمات والائتمان. لكن هذا لم يعوض بالكامل الخسائر الكبيرة التي لحقت بالأنشطة التجارية والصناعية.

هل الحرب تسرّع الانكماش؟

التحليل الاقتصادي يشير إلى أن الانكماش لم يكن نتيجة للحرب وحدها، بل كان نتيجة تداخل عدة عوامل: الحرب شكلت صدمة مباشرة على النشاط الاقتصادي، لكنها التقت مع تراجع ثقة المستهلكين والمستثمرين في ظل حالة عدم الاستقرار الإقليمي المستمرة، بما في ذلك المخاوف من تصعيد المواجهات العسكرية مع حركات المقاومة الفلسطينية وإيران.

هذا التداخل بين صدمة العرض (تعطل الشركات والبنية التحتية) وصدمة الطلب (تراجع الاستهلاك والاستثمار) أدى إلى تضخم حجم الانكماش الاقتصادي، ما يفسر لماذا كان الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي أسرع وأكثر وضوحًا مقارنة بالأزمات الاقتصادية السابقة.

بصيص أمل وسط الضباب

رغم هذه التحديات، تظهر مؤشرات إيجابية على المدى المتوسط. قطاع التكنولوجيا والابتكار استمر في جذب الاستثمارات، حيث جمع أكثر من 9 مليارات دولار خلال النصف الأول من عام 2025، ما يعكس قدرة الاقتصاد الإسرائيلي على التكيف مع الأزمات. كذلك أظهرت الأسواق المالية بعض الاستقرار النسبي، مع ارتفاع مؤشرات الأسهم وتعافي قيمة الشيكل بنسبة 8% بعد الصدمة الأولية.

من الناحية السياسية، هناك تفاؤل حذر بأن تحقيق اتفاقيات سلام مع بعض الدول الإقليمية، مثل سوريا، قد يسهم في تعزيز الاستقرار الأمني وبالتالي الاقتصادي، وهو ما سيشكل عامل دعم للتعافي على المدى الطويل.

 

الانكماش الاقتصادي بنسبة 3.5% يعكس هشاشة الاقتصاد الإسرائيلي أمام الصدمات العسكرية، لكنه أيضًا يسلط الضوء على نقاط القوة والقدرة على التعافي في بعض القطاعات الحيوية. التحدي الأكبر أمام الحكومة الإسرائيلية يتمثل في إدارة الأزمة الاقتصادية والسياسية في آن واحد، وضمان استمرار النشاط الاقتصادي وتحفيز الاستثمارات والاستهلاك، بما يضمن الحد من تأثير الصراعات المستقبلية على الأداء الاقتصادي الوطني.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 10