السيادة المؤجلة: إسرائيل بين ضغط واشنطن واحتجاج المستوطنين

وكالة أنباء آسيا

2025.08.25 - 08:44
Facebook Share
طباعة

تشهد الساحة الإسرائيلية تصاعدًا غير مسبوق للانتقادات الموجهة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على خلفية تأجيله تنفيذ خطوة فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، والتي يعتبرها خصومه وخصوم السياسات الاستيطانية بمثابة فرصة تاريخية للبلاد. هذا التأجيل لم يثر جدلًا داخليًا فحسب، بل أظهر فجوة عميقة بين الضغوط الدولية والمصالح الداخلية، وهو ما يضع نتنياهو في موقف صعب داخل حكومته وخارجها.

السياسة الداخلية مقابل الضغوط الخارجية

تأتي خطوة التأجيل في وقت تتصاعد فيه التحركات الدولية لإقرار الاعتراف بدولة فلسطينية، مما يزيد من الضغط على إسرائيل لتحديد موقف واضح. نتنياهو، بحسب مصادر مقربة من دوائر صنع القرار، يسعى لتأجيل فرض السيادة إلى ما بعد استكمال بعض الملفات الأمنية والعسكرية الملحة، بما في ذلك العمليات في غزة ومواجهة التهديدات المتعددة من لبنان وسوريا وإيران، وحتى مراقبة تحركات الحوثيين في اليمن. هذا الموقف يوضح أن السياسة الإسرائيلية لا يمكن فصلها عن حسابات الأمن القومي، وأن أي خطوة أحادية قد تؤدي إلى ردود فعل دولية واسعة قد تُعيق أجندة الحكومة الاستراتيجية.

الاستياء الداخلي والمستويون المتنوع

داخل إسرائيل، أدى التأجيل إلى إحباط واضح بين قادة المستوطنات والمكونات السياسية المتشددة، الذين يعتبرون أن الوقت الحالي هو الأمثل لفرض السيادة، قبل أن تمنح أي دول غربية دعمًا إضافيًا للفلسطينيين. هذا الغضب الداخلي لم يقتصر على المستوطنين فقط، بل امتد إلى بعض أعضاء الكنيست من الليكود والمعارضة، الذين يرون أن التردد في اتخاذ القرار يضعف موقف إسرائيل أمام المجتمع الدولي ويؤخر تحقيق أهداف الاستيطان الاستراتيجية.

مشروع E1 والضغط الدولي

تتعاظم أيضًا التحديات الدولية المرتبطة بمشروع الاستيطان المعروف باسم E1، الذي يسعى إلى قطع الامتداد الجغرافي بين القدس وبقية الضفة الغربية. هذا المشروع، على الرغم من أهميته الاستراتيجية لإسرائيل، يواجه معارضة قوية من المجتمع الدولي، الذي يعتبره عقبة رئيسية أمام إمكانية حل الدولتين، مما يضع نتنياهو بين مطرقة الالتزامات الدولية وسندان التزامات حزبه والمستوطنيين.

الأصوات الداعية للضغط على نتنياهو

وزراء وسياسيون مثل أفيغدور ليبرمان وأوريت ستروك أعادوا التأكيد على ضرورة فرض السيادة دون تأجيل. ليبرمان ذهب إلى وصف أي فشل في هذه الخطوة بأنه "إخفاق تاريخي"، بينما رأت ستروك أن الظروف الراهنة تشكل فرصة نادرة يجب اغتنامها قبل انهيار التوازن الداخلي للحكومة. هذا التصادم بين القيادة التنفيذية والرؤى السياسية المختلفة يعكس صراعًا حادًا على تحديد أولوية الدولة بين الطموحات الداخلية والالتزامات الدولية.

انعكاسات محتملة على السياسة الإسرائيلية والإقليمية

التأجيل ليس مجرد مسألة داخلية، بل يحمل انعكاسات إقليمية واضحة، إذ قد يزيد من فرص الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، ويعزز نفوذ القوى الإقليمية الفاعلة في الملف الفلسطيني. كما أن أي تأجيل مستمر قد يؤدي إلى تصعيد الضغط على إسرائيل من قبل الولايات المتحدة وأوروبا، مع تأثيرات مباشرة على استقرار الحكومة وقدرتها على تنفيذ برامجها السياسية والأمنية.

في المجمل، يظل نتنياهو في موقف صعب، يحاول موازنة الضغوط الداخلية من المستوطنين والحكومة، مع التحديات الخارجية من واشنطن وبروكسل، في سياق معقد يجمع بين السياسة والأمن والدبلوماسية الإقليمية. أي خطوة قادمة بشأن فرض السيادة ستكون مؤشرًا حاسمًا على قدرة إسرائيل على الموازنة بين هذه الأبعاد، ومدى استعدادها لمواجهة تبعات القرارات الاستراتيجية في أكثر الملفات حساسية.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 4