أعلن مجلس سوريا الديمقراطية، اليوم الأحد، تأجيل الملتقى التشاوري للمبادئ الدستورية، الذي كان مقرراً عقده في مدينة الرقة، وذلك بهدف "تهيئة بيئة أكثر ملاءمة للحوار الوطني". ويأتي هذا القرار عقب اجتماع للهيئة الرئاسية للمجلس، بحضور الرئاسة المشتركة ليلى قره مان ومحمود المسلط، حيث اعتبر المجلس أن المستجدات السياسية المحلية والإقليمية، والتوازنات الدولية المصاحبة، تستدعي توفير ظروف أفضل لإطلاق الملتقى.
وأوضح المجلس أن الهدف من التأجيل هو ضمان نجاح الملتقى باعتباره محطة وطنية هامة، ترمي إلى ترسيخ مبادئ دستورية جامعة تخدم مسار الحل السياسي في سوريا، والمساهمة في بناء دولة ديمقراطية تعددية لامركزية تحترم جميع المكونات السورية.
طبيعة الملتقى التشاوري
كان من المقرر أن يشارك في الملتقى أحزاب وأطر سياسية من شمال شرقي سوريا، إلى جانب وجهاء وشيوخ عشائر عربية وممثلي نقابات ومنظمات محلية. كما كان من المتوقع حضور شخصيات وأحزاب وتيارات من بقية المناطق السورية، إضافة إلى ممثلين عن الطوائف الدرزية والعلوية. ويهدف الملتقى إلى مناقشة المبادئ الدستورية التي قد تشكل قاعدة للتفاهم الوطني على مستقبل سوريا، خصوصاً في ظل ما يُعرف بغياب توافق وطني شامل على مسار الحل السياسي.
ويُعد مجلس سوريا الديمقراطية الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية، ويضم أحزاباً وتيارات عربية وكردية وسريانية وآشورية، إلى جانب شخصيات مستقلة ومثقفين، ما يتيح للمجلس تمثيلاً واسعاً لمكونات شمال شرقي سوريا، لكنه يظل محدود التأثير على المستوى الوطني فيما يتعلق بالقرارات التي تتخذها الحكومة السورية أو مجلس الشعب.
موقف "الإدارة الذاتية" من الانتخابات
في سياق متصل، دعت الإدارة الذاتية المجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بالانتخابات المزمع تنظيمها لمجلس الشعب من قبل الحكومة السورية، في أعقاب تأجيل العملية الانتخابية في محافظتي الحسكة والرقة بسبب الظروف الأمنية. واعتبرت الإدارة أن الخطوات المتخذة منذ سقوط نظام الأسد وحتى الآن، بما في ذلك مؤتمرات الحوار الوطني وتشكيل الحكومة والإعلان الدستوري وصولاً إلى الانتخابات البرلمانية، جاءت "مناقضة لأهداف الثورة السورية التي دعت إلى العدالة والديمقراطية والمساواة والحرية لجميع المكونات".
وأضاف البيان أن الانتخابات لا تعبّر عن إرادة السوريين، ولا تمثل سوى استمرار لنهج التهميش والإقصاء الذي عانى منه السوريون على مدى أكثر من خمسين عاماً تحت حكم حزب البعث. وأكدت الإدارة الذاتية أن إجراء الانتخابات في الوقت الراهن "يُقصي قرابة نصف السوريين عن المشاركة"، سواء بسبب التهجير القسري أو السياسات الممنهجة التي تمنع المكونات الفاعلة من رسم مستقبل البلاد، ما يجعل العملية خطوة شكلية لا تستجيب لمتطلبات الحل السياسي الشامل.
رفض وصف المناطق بأنها غير آمنة
انتقدت الإدارة الذاتية وصف مناطق شمال شرقي سوريا بأنها غير آمنة، معتبرة أن هذا التصنيف يهدف إلى "تبرير سياسات الإنكار بحق أكثر من خمسة ملايين سوري". وأوضحت أن هذه المناطق تُعد من أكثر المناطق أماناً مقارنة بمناطق أخرى في البلاد، وأن أي إجراءات أو قرارات تفرض بعقلية أحادية وتتجاهل الحقوق المشروعة لجميع المكونات لن تكون ملزمة لها.
ودعت الإدارة الذاتية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بالانتخابات المزمعة، معتبرة أن الحل السياسي في سوريا لن يتحقق عبر إعادة إنتاج السياسات القديمة، بل من خلال مسار سياسي شامل يشارك فيه جميع السوريين بمختلف مكوناتهم، للوصول إلى سوريا ديمقراطية تعددية لامركزية تضمن الحقوق وتفتح آفاق السلام والاستقرار.
خلفية الإرجاء
وكانت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب قررت، يوم السبت، إرجاء العملية الانتخابية في محافظات السويداء والحسكة والرقة بسبب التحديات الأمنية التي تشهدها هذه المحافظات. وأكدت اللجنة أن مخصصات المقاعد لهذه المحافظات ستبقى محفوظة إلى حين توفر البيئة الآمنة لإجراء الانتخابات. وأوضحت أن هذه الخطوة جاءت لضمان تمثيل عادل للمواطنين في المحافظات الثلاث، في ظل الظروف الأمنية والسياسية الحالية.