المجاعة في غزة: فشل إنساني أم سياسة حربية؟

وكالة أنباء آسيا

2025.08.23 - 12:31
Facebook Share
طباعة

في قلب واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، أعلنت الأمم المتحدة رسميًا وقوع مجاعة في مدينة غزة. أكثر من نصف مليون شخص يعانون اليوم من نقص شديد في الغذاء، في حين أن هذا الرقم قد يتجاوز 641,000 شخص بحلول نهاية سبتمبر 2025. الوضع الإنساني أصبح كارثيًا، وقد وصفته الأمم المتحدة بأنه "فشل إنساني" قد يرتقي إلى مستوى "جريمة حرب".

تعود جذور الأزمة الحالية إلى الحصار الإسرائيلي المشدد على غزة منذ أكتوبر 2023، الذي أثر بشكل مباشر على تدفق الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية. في أعقاب التصعيد العسكري الأخير، شهد القطاع توقفًا متكررًا لإمدادات الغذاء الأساسية، وقيودًا صارمة على دخول الوقود والكهرباء، ما أثر على عمل محطات المياه والمستشفيات والمخابز.

وفي مارس 2025، أوقفت إسرائيل كل الإمدادات الإنسانية لمدة 25 يومًا، ما أسفر عن وفاة 58 شخصًا بسبب الجوع المباشر، وفقًا لتقارير محلية ودولية. هذه الإجراءات جاءت في سياق هجمات واسعة استهدفت مخازن الغذاء والمخابز والمطاحن، مما أدى إلى تدمير معظم المنشآت الإنتاجية في القطاع.

أرقام مرعبة وأبعاد المجاعة

تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) أوضح أن 514,000 شخص يعانون حاليًا من المجاعة، مع توقع ارتفاع العدد إلى 641,000 مع نهاية سبتمبر 2025. وتجدر الإشارة إلى أن هذه هي المرة الخامسة منذ تأسيس IPC عام 2004 التي يُعلن فيها عن مجاعة في غزة، ما يعكس استمرارية الأزمة وانعدام القدرة على توفير الغذاء للسكان بشكل آمن ومستدام.

أكثر من 80% من سكان غزة يعتمدون على المساعدات الغذائية، وسط تراجع كبير في الإنتاج المحلي بسبب الهجمات على البنية التحتية، بينما أدت القيود على الوقود والكهرباء إلى تعطيل تشغيل محطات المياه، ما زاد من انتشار الأمراض وسوء التغذية.

شهادات من قلب الأزمة

كريم، ممرض شاب في مستشفى الشفاء: "كل يوم يأتي إلينا أطفال يعانون من الجوع الحاد، بعضهم لا يستطيع المشي، ولا يوجد ما يكفي من الطعام أو الدواء. الوضع أصبح كابوسًا مستمرًا."

أم يوسف، أم لأربعة أطفال: "أطفالي يذهبون إلى المدرسة جائعين، وأنا أبحث عن أي طريقة لتأمين وجبة واحدة. منذ أسابيع لم أتمكن من توفير الحليب الكافي للرضع."

أحد العاملين في منظمة دولية: "الوضع في غزة ليس مجرد أزمة، إنه انهيار كامل للبنية التحتية، مع وجود قيود تجعل أي تدخل إنساني شبه مستحيل."

تأثير المجاعة على الأطفال

الأطفال كانوا الضحايا الأكثر تضررًا، حيث حذرت اليونيسف من أن الأزمة أصبحت "حالة بقاء حقيقية" لهم. 83% من وفيات الأطفال في غزة هم من المدنيين، ما يعكس حجم المأساة الإنسانية ويكشف عن التحديات الضخمة في حماية المدنيين في ظل الصراع المستمر.


في المقابل رفضت الحكومة الإسرائيلية وصف الوضع في غزة بالمجاعة، معتبرة هذه التقارير "معلومات مضللة" تهدف إلى تسييس الأزمة واتهام تل أبيب بشكل غير عادل. وأكدت إسرائيل أن القيود على دخول المواد الأساسية تأتي في سياق الحفاظ على الأمن، في حين يصف منتقدو الحكومة هذا الموقف بأنه تجاهل لمعاناة المدنيين.

ووصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الوضع في غزة بأنه "فشل إنساني"، مشددًا على ضرورة وقف فوري لإطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية. ودعا غوتيريش المجتمع الدولي إلى التحرك بسرعة لإنقاذ المدنيين، مؤكدًا أن استمرار الوضع الراهن سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل لا يمكن السيطرة عليه.

واتهمت منظمات دولية مثل أوكسفام، ميرسي كوربس، وبلان إنترناشيونال إسرائيل باستخدام "نموذج عسكري" في توزيع المساعدات الإنسانية، مما ساهم في تفاقم المجاعة لأغراض سياسية. وأوضحت هذه المنظمات أن القيود المفروضة على وصول الغذاء والدواء دفعت السكان المدنيين إلى مستويات غير مسبوقة من الجوع والمعاناة، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى تدخل عاجل لإنقاذ الأرواح. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 9