تشهد غزة موجة تصعيد عسكرية متواصلة منذ فجر الجمعة، أدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، وسط تزايد المخاوف الإنسانية جراء استمرار الحصار والعمليات العسكرية، المصادر الطبية في القطاع أفادت بسقوط 68 قتيلاً، توزعوا بين مدينة غزة ومناطق الشمال والجنوب والوسط، بينما سجلت حالات وفاة إضافية نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ما يرفع حصيلة ضحايا هذا الوضع المأساوي إلى 273 وفاة منذ بداية العام، بينهم 112 طفلاً.
الوضع يشير إلى أن هذا التصعيد ليس مجرد سلسلة غارات عشوائية، بل يحمل أبعادًا استراتيجية تتعلق بمحاولة إسرائيل فرض السيطرة على الأرض وتفكيك البنية العسكرية والمدنية للمقاومة الفلسطينية. الضربات المتواصلة تستهدف مناطق مختلفة في القطاع، ما يخلق حالة من الرعب والفوضى بين السكان، ويزيد من أعداد النازحين داخليًا، الأمر الذي يعقد جهود الإغاثة ويزيد من معاناة المدنيين.
التداعيات الإنسانية لهذا التصعيد واسعة المدى، إذ تعاني المستشفيات من نقص شديد في الأدوية والمستلزمات الطبية، بينما تواجه فرق الطوارئ صعوبة في الوصول إلى المصابين بسبب تدمير الطرق والبنية التحتية الحيوية. الأطفال والنساء هم الأكثر تأثراً، حيث أدت عمليات الحصار ونقص الغذاء إلى زيادة معدلات سوء التغذية، ما يضاعف الضغط على القطاع الصحي الهش أصلاً.
تؤكد المصادر الطبية وفق وكالة وفا الفلسطينية، أن حصيلة القتلى والإصابات منذ اندلاع العدوان في أكتوبر 2023 تجاوزت 62 ألف قتيل و157 ألف مصاب، ما يعكس حجم الأزمة المستمرة والضغط المتزايد على المدنيين في غزة. وتوضح هذه الأرقام حجم الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية للصراع، بما في ذلك تدمير المنازل والبنية التحتية، وتعطيل التعليم والخدمات الأساسية، وزيادة البطالة والفقر بين السكان.
من منظور سياسي واستراتيجي، يشير التصعيد إلى رغبة إسرائيل في ممارسة الضغط على المقاومة الفلسطينية من جهة، وإرسال رسائل سياسية وإقليمية من جهة أخرى، بينما يُترك السكان المدنيون في موقف هش يجعلهم أكثر تأثرًا بالحصار والعمليات العسكرية، الواقع يعكس هشاشة الوضع الإنساني في القطاع، ويطرح تحديات كبيرة أمام المنظمات الدولية والدولية لتقديم المساعدات بشكل فعال وتأمين الحماية للمدنيين.
التأثير النفسي للسكان لا يقل أهمية عن الخسائر المادية والبشرية، حيث يعيش الأطفال والعائلات تحت صدمة مستمرة من الخسائر اليومية وفقدان الأمن الغذائي، مما يشكل عبئًا إضافيًا على المجتمع المدني ويزيد من احتمالات تفاقم الأزمات الاجتماعية والصحية على المدى الطويل.
في ظل استمرار العدوان، تبقى غزة إحدى أكثر المناطق هشاشة في العالم، وتستدعي هذه التطورات استجابة عاجلة من المجتمع الدولي، مع التركيز على حماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية وتخفيف حدة الأزمة الصحية والغذائية.