حذر مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون من أن محافظة السويداء الجنوبية، التي شهدت اشتباكات دموية الشهر الماضي، لا تزال على أعتاب تجدد العنف في أي لحظة. وأكد بيدرسون خلال إحاطته لمجلس الأمن أن الهدوء النسبي الذي أعقب اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يوليو/تموز 2025 لا يعكس حقيقة الوضع السياسي والأمني الهش في البلاد، حيث ما زالت القوى السياسية الطاردة للمركزية تمثل تهديدًا مباشرًا لوحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها.
وأشار المبعوث الأممي إلى أن استمرار المناوشات على هوامش السويداء يوضح أن البلاد لم تتجاوز بعد مرحلة الانقسامات العميقة، وأن أي اشتباك صغير يمكن أن يتطور إلى مواجهات أوسع، مما يهدد استقرار الانتقال السياسي الذي بدأ بعد الإطاحة برئيس النظام السابق بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
رغم صمود اتفاق وقف إطلاق النار جزئيًا، إلا أن بيدرسون حذر من أن العنف قد يتجدد في أي لحظة، خاصة مع تفاقم الانقسامات العرقية والدينية. وتشهد السويداء، ذات الأغلبية الدرزية، توترات مستمرة بين ميليشيات محلية وقبائل بدوية سنية، مع تدخل القوات الحكومية التي فشلت في الحفاظ على الحياد، وتعرضت أحيانًا للانحياز لطرف دون آخر، ما زاد من تفاقم الأزمة.
كما أشار بيدرسون إلى أن القوى السياسية المحلية والإقليمية تسعى لاستغلال هذه التوترات لتحقيق مكاسب سياسية واستراتيجية، مما يزيد من هشاشة الوضع الأمني والسياسي. وأضاف أن أي انتقال سياسي ناجح في سوريا يتطلب إصلاحات عاجلة في قطاع الأمن، بما في ذلك نزع سلاح القوات غير الحكومية وتسريحها وإعادة دمجها ضمن أطر الدولة القانونية.
وصف توم فليتشر، مسؤول الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، الوضع الإنساني في سوريا بأنه مأساوي للغاية، مشيراً إلى أن 16 مليون شخص في مختلف أنحاء البلاد بحاجة ماسة للمساعدات الغذائية والطبية والإنسانية الأخرى. وأوضح أن القوافل الإنسانية تعرضت لإطلاق نار خلال الشهر الجاري، وأن التمويل الدولي المخصص للعام الحالي بلغ 14% فقط من نداء الأمم المتحدة البالغ 3.19 مليار دولار، مما يعكس فجوة حادة بين الاحتياجات والموارد المتاحة.
وأشار فليتشر إلى أن استمرار العنف وانعدام الأمن يعرقل وصول المساعدات إلى السكان المحتاجين، ويزيد من احتمالات نشوء أزمات جديدة على طول سلسلة النزاعات المحلية والإقليمية.
تأتي الأحداث في السويداء ضمن سياق أوسع يشهد تدخلات إسرائيلية محدودة في مناطق ذات أغلبية درزية، حيث شنت إسرائيل عشرات الغارات الجوية على قوافل المقاتلين الحكوميين، في محاولة لدعم الأقليات وحماية مصالحها الاستراتيجية في الجنوب السوري. هذا التدخل، برغم محدوديته، يزيد من تعقيد المشهد الأمني ويهدد جهود الانتقال السياسي الهش.
كما تظل سوريا عرضة للضغوط الإقليمية والدولية، حيث أن أي دعم خارجي قد يضيع أو يستخدم بشكل خاطئ دون وجود انتقال سياسي حقيقي يستند إلى الحكم الرشيد وسيادة القانون والعدالة، بحسب تحذيرات بيدرسون.
بعد الإطاحة بالأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، دخلت سوريا مرحلة انتقالية غير مستقرة. البلاد تواجه تحديات متعددة تشمل الانقسامات العرقية والدينية، هشاشة المؤسسات الحكومية، وسيطرة ميليشيات محلية مختلفة على مناطق واسعة.
السويداء: محافظة ذات أغلبية درزية، شهدت اشتباكات في 13 يوليو/تموز بين ميليشيات درزية وقبائل بدوية سنية، ما كشف عن هشاشة الأجهزة الأمنية وعدم قدرة الحكومة الانتقالية على فرض النظام بشكل متساوٍ.
التدخلات الخارجية: إسرائيل تدخلت دفاعاً عن الدروز، بينما تلعب القوى الإقليمية الأخرى دوراً غير مباشر من خلال دعم ميليشيات محددة أو الضغط على الحكومة الانتقالية لتحقيق مكاسب سياسية.
الوضع الإنساني: ملايين السوريين يعيشون في ظروف مأساوية، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والمياه النظيفة والخدمات الصحية، في ظل تهديد مستمر للعنف والاشتباكات المسلحة.
الخلاصة فإن أي استقرار في سوريا سيكون هشًا دون معالجة جذرية للعوامل السياسية والأمنية والعرقية، مع ضرورة دعم الانتقال السياسي بإصلاحات ملموسة في مؤسسات الدولة، حماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وفعال.