مرحلة الحسم الإسرائيلية: تحويل غزة إلى أرض للمجاعة

وكالة أنباء آسيا

2025.08.22 - 02:23
Facebook Share
طباعة

قطاع غزة يعيش أسوأ أزمة إنسانية منذ عقود، حيث يجمع بين الحرب المدمرة وتهديد المجاعة واسع النطاق. تحذيرات الأمم المتحدة ومنظمات دولية مثل "الفاو" و"اليونيسف" وبرنامج الأغذية العالمي تؤكد أن نحو نصف مليون شخص يعيشون حالياً في مرحلة المجاعة، فيما يعاني أكثر من مليون شخص آخر من مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي. هذه الأرقام تتضاعف خطراً في ظل استمرار الحصار، ومنع وصول المساعدات، وتحويل 90% من القطاع إلى مناطق عسكرية، ما يجعل المدنيين عرضة للموت بسبب الجوع أو القصف.

الأطفال هم الأكثر ضعفاً، حيث يواجه أكثر من 1.2 مليون طفل انعداماً حاداً للأمن الغذائي، ما يهدد حياتهم وصحتهم البدنية والعقلية على حد سواء. هذه الأزمة الإنسانية لم تعد مجرد مشكلة محلية، بل أصبحت اختباراً صارخاً للمجتمع الدولي ومصداقيته في حماية حقوق الإنسان.

شبكة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) وضعت أكثر من نصف مليون شخص ضمن "المرحلة الخامسة"، وهي مرحلة كارثية تشير إلى انعدام شبه كامل للأمن الغذائي، بينما يواجه نحو 1.07 مليون شخص المرحلة الرابعة، أي مستويات طوارئ من انعدام الأمن الغذائي.

التقرير يشير إلى أن التقديرات الحالية قد تكون أقل من الواقع بسبب قيود الوصول إلى شمال غزة، واستبعاد رفح من التقديرات بسبب انخفاض عدد السكان نتيجة النزوح الجماعي. هذا يعني أن حجم الأزمة الفعلي قد يكون أكبر بكثير مما أعلنته التقارير، وأن ملايين المدنيين يواجهون خطر الموت جوعاً أو بسبب حرمانهم من المساعدات الطبية والغذائية الأساسية.

الحملة العسكرية الإسرائيلية مستمرة بوتيرة تصاعدية، مع التركيز على المناطق الشمالية والوسطى من القطاع، حيث تم تحويل نحو 90% من الأرض إلى مناطق عسكرية محظورة. هذه الإجراءات تأتي ضمن ما وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بأنه "مرحلة الحسم"، مع مصادقة على خطط احتلال واسعة، تشمل تفكيك البنية التحتية المدنية وفرض قيود صارمة على الحركة والإمدادات الإنسانية.

تحقيقات مستندة إلى بيانات سرية للجيش الإسرائيلي تشير إلى أن استخدام التجويع كأداة ضغط على السكان المدنيين قد يشكل جريمة حرب، خصوصاً مع توثيق عدد الوفيات الناجمة عن نقص الغذاء والمياه، ومئات الآلاف من النازحين الذين يعيشون في ملاجئ مؤقتة بدون وصول كافٍ للمساعدات.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وصف الوضع بأنه "كارثة من صنع الإنسان"، مؤكداً ضرورة محاسبة المسؤولين وضمان وصول الغذاء والإمدادات الطبية دون عوائق. مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك شدد على أن التجويع كوسيلة حرب يمثل جريمة حرب، وأن الوفاة الناتجة عن انعدام الغذاء تُعتبر القتل العمد.

الجهود الإنسانية تحاول التخفيف من حجم الكارثة، حيث وصلت أولى المساعدات من منظمة "المطبخ العالمي"، لكنها تواجه صعوبات بسبب القيود على الحركة والأمن. القطاع الصحي يواجه انهياراً شبه كامل، مع نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، في حين أن الغارات المستمرة تزيد من أعداد الجرحى والنازحين، ما يعقد أي محاولة لإيصال الإغاثة.

الأرقام والإحصاءات:

القتلى الفلسطينيون: 62,122، معظمهم من النساء والأطفال.

المصابون: 156,758.

المفقودون: أكثر من 9,000.

النازحون: مئات الآلاف داخل القطاع.

المرحلة الخامسة (كارثية): نصف مليون شخص.

المرحلة الرابعة (طارئة): 1.07 مليون شخص، أي 54% من السكان.

الأطفال الذين يعانون من انعدام أمن غذائي حاد: 1.2 مليون طفل.

إذا استمرت العمليات العسكرية والسياسات التي تمنع وصول المساعدات، فإن القطاع قد يواجه انهياراً إنسانياً شاملاً خلال الأشهر القادمة، حيث سيزداد عدد الأشخاص في المرحلة الخامسة إلى نحو ثلث السكان، أي أكثر من 600 ألف شخص. كما أن التأثير النفسي على الأطفال والمجتمعات المحلية سيكون طويل الأمد، مع احتمالية تفاقم الأمراض وسوء التغذية والوفيات المبكرة.

غزة اليوم هي صورة حية لكارثة إنسانية مركبة، حيث تتداخل الحرب مع المجاعة وغياب حماية المدنيين. استمرار الوضع الراهن لا يمثل مجرد تحدياً محلياً، بل اختباراً صارخاً للمجتمع الدولي ومؤسساته في مجال حماية حقوق الإنسان ومنع الجرائم ضد الإنسانية. غزة ليست مجرد مساحة جغرافية، بل اختبار عالمي لمبادئ العدالة الإنسانية والأخلاقية، وقد تكون ما يحدث فيها أحد أكبر الفصول السوداء في تاريخ القرن الواحد والعشرين إذا لم يتحرك العالم بسرعة وفعالية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 9