يشهد قطاع غزة أزمة إنسانية متفاقمة، مع إعلان الأمم المتحدة عن تفشي المجاعة لأول مرة في الشرق الأوسط. التقرير الأممي أثار ردود فعل إسرائيلية حادة، بينما تؤكد المنظمات الدولية ومنظمات الصحة خطورة الوضع على المدنيين، وخصوصًا الأطفال، الذين يشكلون الفئة الأكثر عرضة للموت نتيجة نقص الغذاء والمياه والأدوية. هذه الأزمة تتداخل مع الواقع العسكري والسياسي في القطاع، ما يجعل المجتمع الدولي أمام اختبار عاجل لقدرة المؤسسات الدولية على حماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية.
تظهر الأرقام الرسمية من وزارة الصحة في غزة أن 271 شخصًا توفوا بسبب سوء التغذية، بينهم 112 طفلاً. على الأرض، يصف العاملون في المستشفيات المشهد بأنه مأساوي، حيث يشكو الأهالي من نقص الغذاء والمياه النظيفة والأدوية، ويعاني الأطفال من فقدان الوزن الحاد وأمراض مرتبطة بسوء التغذية.
التحليل هنا يشير إلى أن الأزمة ليست مجرد نقص موارد، بل نتيجة مباشرة للحصار المتواصل وعمليات القصف المتكررة، التي تمنع تدفق الغذاء والمساعدات، وتخلق بيئة ملائمة لتفاقم المجاعة. تحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بأن الوضع كارثة من صنع الإنسان، تؤكد أن المجتمع الدولي أمام مسؤولية عاجلة للتدخل وإيقاف الكارثة.
إسرائيل تكذب
ردّت إسرائيل على التقرير الأممي بوصفه "كاذبًا ومتحيزًا"، متهمة الأمم المتحدة بالاعتماد على بيانات جزئية من حركة حماس. ووفق بيان منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، فإن التقرير يعاني من "ثغرات منهجية وواقعية"، ويستخدم مصادر متحيزة، كما يشير إلى تغييرات في المعايير تقوّض مصداقيته.
تحليل هذا الموقف يظهر استراتيجية إسرائيلية واضحة: إنكار المسؤولية عن الأزمة الإنسانية في غزة، وتحويل النقاش إلى مسألة تحيّز تقارير دولية، بما يحجب الانتباه عن حجم المعاناة على الأرض ويزيد من الضغط على المجتمع الدولي لضمان وصول المساعدات إلى المدنيين بشكل آمن.
مأساة يومية للمدنيين
تشير بيانات الأونروا إلى أن نحو 90% من القطاع تحول إلى مناطق عسكرية، ما يعرض المدنيين للخطر ويعرقل عمليات إيصال الغذاء والمساعدات. النقص الحاد في الغذاء والمياه النظيفة والأدوية أسفر عن ارتفاع حالات سوء التغذية، ومقتل عشرات الأطفال يوميًا، في ظل صعوبة وصول فرق الإغاثة إلى المناطق الأكثر تضررًا.
الأطفال هم الضحايا الرئيسيون، مع تزايد حالات سوء التغذية الحاد وارتفاع خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بنقص الغذاء والمياه. الأسر الفلسطينية تكافح للبقاء على قيد الحياة في ظروف معقدة، وسط استمرار القصف والحصار الذي يعمّق الأزمة الإنسانية بشكل يومي.
مأزق دولي
الأزمة في غزة ليست مجرد أزمة غذاء، بل انعكاس لتشابك الصراع العسكري والسياسي مع الواقع الإنساني. رفض إسرائيل الاعتراف بالمجاعة واتهامها للتقارير الدولية بالتحيز يعقد جهود الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، ويطرح تساؤلات حول قدرة المجتمع الدولي على حماية المدنيين.
التحليلات تشير إلى أن استمرار النزاع وعدم الوصول إلى آليات حماية فعالة سيؤدي إلى كارثة إنسانية أكبر، مع تهديد حياة عشرات الآلاف من الأطفال والنساء وكبار السن. المجتمع الدولي أمام اختبار عاجل لإيجاد حلول ملموسة تضمن وقف العنف وتأمين وصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل.
الوضع في غزة يوضح حجم المأساة الإنسانية الناتجة عن الصراع المستمر، حيث يتحمل المدنيون، وخصوصًا الأطفال، العبء الأكبر. تحذيرات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تؤكد ضرورة تدخل عاجل لإيقاف الكارثة وضمان وصول الغذاء والمساعدات، في وقت تواصل إسرائيل إنكار مسؤوليتها. الأزمة تظهر أن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة ما زالت تحديًا حقيقيًا أمام المجتمع الدولي، مع احتمالات كارثية إذا لم تتحرك الجهات الدولية بشكل عاجل.