باسم الإنسانية: من المسؤول عن فخ مؤسسة غزة المميت؟

وكالة أنباء آسيا

2025.08.22 - 11:47
Facebook Share
طباعة

في تصعيد يعكس هشاشة الوضع الإنساني في قطاع غزة، كشف تقرير لشبكة CBS الأمريكية عن حادثة تورط فيها متعاقدون أمريكيون بإطلاق النار على المدنيين الفلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الغذائية في مواقع توزيع الغذاء التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية.

مؤسسة غزة الإنسانية هي منظمة غير حكومية تأسست في مايو 2025، وتديرها شركات أمنية أمريكية بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي. تعمل المؤسسة على توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، وتدير مواقع توزيع الغذاء في مناطق خاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية. ومع ذلك، تعرضت المؤسسة لانتقادات واسعة بسبب تورط متعاقدين أمنيين أمريكيين في إطلاق النار على المدنيين الفلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات، مما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص.

المنظمة تتعاون مع شركات أمنية خاصة مثل "يوجي سوليوشنز" و"سيف ريتش سوليوشنز"، وتعمل تحت إشراف الجيش الإسرائيلي. وتشير تقارير إلى أن المؤسسة تمارس دورًا استخباريًا تحت غطاء العمل الإنساني، وتسعى لتجنيد المواطنين الفلسطينيين للتعاون مع أجهزة الأمن الإسرائيلية. كما أن هناك اتهامات بأنها جزء من مخطط أمريكي-إسرائيلي لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.

العديد من المنظمات الإنسانية، بما في ذلك وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ترفض التعاون مع مؤسسة غزة الإنسانية، وتصف برامجها بأنها "فخ موت" للمدنيين الفلسطينيين. وتطالب هذه المنظمات بوقف عمل المؤسسة، وإعادة تفعيل دور المنظمات الإنسانية الدولية في تقديم المساعدات بشكل آمن وحيادي.

تواجه مؤسسة غزة الإنسانية ضغوطًا دولية متزايدة بسبب تورطها في ممارسات مثيرة للجدل، وتطالب العديد من الجهات بمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، وضمان عدم تكرارها في المستقبل.

الشهادة التي قدمها موظف في المؤسسة، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أظهرت أن إطلاق النار لم يكن مقصورًا على الجيش الإسرائيلي فقط، بل شمل أطرافًا غير حكومية مرتبطة بالدعم الأمريكي، مما يجعل المدنيين الفلسطينيين عرضة لمخاطر غير مسبوقة أثناء محاولتهم الحصول على الطعام والدواء، ويضع المجتمع الدولي أمام تساؤلات جدية حول مسؤولية الولايات المتحدة في النزاع وأثر تدخلاتها العسكرية واللوجستية على حياة المدنيين.

الشاهد أكد أنه قام بتسجيل مقاطع فيديو تظهر إطلاق النار العشوائي على الفلسطينيين، مشددًا على أن الطلقات كانت موجهة بشكل غير محدد، وأن المدنيين كانوا هدفًا مباشرًا للقتل، ما أدى إلى مقتل أكثر من 1800 فلسطيني بحسب تقديرات الأمم المتحدة خلال محاولتهم الحصول على المساعدات.

هذه الأرقام تؤكد أن الأزمة الإنسانية في غزة تجاوزت حدود نقص الموارد لتصبح تهديدًا مباشرًا على حياة المدنيين، وهو ما يعكس شدة التعقيد الأمني في مواقع التوزيع، حيث تتداخل المسؤوليات بين الجيش الإسرائيلي والمتعاقدين العسكريين المدعومين من أطراف دولية.

ردود الفعل الرسمية جاءت متباينة، فقد نفت مؤسسة غزة الإنسانية هذه الاتهامات ووصفتها بالكاذبة، مؤكدة أن المتعاقدين الأمريكيين لم يشاركوا في إطلاق النار، بينما أعلنت القوات الإسرائيلية فتح تحقيق عاجل في الحادثة. هذا التباين يعكس مستوى التعقيد في تحديد المسؤولية ومساءلة الأطراف عن الانتهاكات، ويعكس التحديات التي تواجه المنظمات الإنسانية الدولية في الحفاظ على حيادها وسلامة المدنيين.

كما أشار الشاهد إلى التأثير النفسي الكبير لهذه التجربة على العاملين في المواقع، حيث تركت الحادثة صدمة نفسية عميقة أثرت على القدرة على تقديم الدعم الإنساني بشكل آمن.


مشاركة المتعاقدين العسكريين الأمريكيين في إطلاق النار على المدنيين تشير إلى تضارب بين الخطاب الإنساني والسياسات العسكرية، ما يضع المسؤولية المباشرة وغير المباشرة على الولايات المتحدة في دائرة النقد الدولي. إضافة لذلك، فإن استمرار هذه الحوادث يوضح مدى صعوبة فرض الرقابة الدولية على العمليات الإنسانية، ويؤكد أن الآليات الحالية لحماية المدنيين غير كافية في مناطق النزاع عالية الخطورة.

وتكشف عن سياسات مزدوجة في إدارة النزاع، حيث يتم الترويج لدعم المدنيين والمساعدات الإنسانية في الوقت نفسه الذي يصبح فيه المدنيون عرضة للعنف من أطراف مدعومة دوليًا. الحادثة تمثل تحذيرًا صارخًا للمجتمع الدولي بضرورة إعادة صياغة سياسات الحماية الإنسانية، ومراجعة مشاركة المتعاقدين العسكريين في مناطق النزاع، لضمان أن تبقى المساعدات وسيلة للبقاء والأمان، وليس أداة للعنف والسيطرة العسكرية.

تؤكد هذه الحادثة على الحاجة الملحة لمراجعة شاملة لسياسات حماية المدنيين في غزة، ومساءلة جميع الأطراف عن الانتهاكات، وتعزيز الرقابة الدولية على العمليات الإنسانية لضمان عدم تحويل المساعدات إلى أهداف للصراع. كما تبرز ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لإعادة ضبط سياسات الحماية والمراقبة على الأرض، وحماية المدنيين من المخاطر المتزايدة التي تهدد حياتهم بشكل يومي، لتبقى المساعدات الإنسانية وسيلة للبقاء وليس مصدرًا للعنف والموت. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 9