التهويد عبر التاريخ: قراءة في معركة المواقع الأثرية بالضفة الغربية

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.21 - 05:29
Facebook Share
طباعة

إعلان سلطات الاحتلال الإسرائيلي تصنيف 63 موقعاً أثرياً في الضفة الغربية باعتبارها "مواقع إسرائيلية" لا يمكن التعامل معه كخطوة إدارية أو ثقافية، انما هو جزء من استراتيجية أوسع تستهدف إعادة صياغة التاريخ الفلسطيني وتحويل الجغرافيا إلى أداة استعمارية، تأتي الخطوة في وقت يتصاعد فيه الجدل حول هوية المكان وحق الشعب الفلسطيني في تراثه المادي والمعنوي، وهو ما دفع الخارجية الفلسطينية لطلب تدخل عاجل من منظمة اليونسكو.

المواقع الأثرية في الضفة ليست مجرد حجارة قديمة أو أطلال معمارية، بل هي شواهد حية على امتداد حضارات تعاقبت على هذه الأرض، من الكنعانيين مروراً بالرومان وصولاً إلى الحقبة الإسلامية تحويلها إلى "ممتلكات إسرائيلية" يعني شطب آلاف السنين من السردية الفلسطينية وتثبيت رواية استعمارية بديلة.

الخطورة تكمن في أن هذه الخطوة ليست معزولة، بل تأتي ضمن خطة أوسع للسيطرة على أكثر من 2400 موقع في الضفة. بذلك، يصبح التراث سلاحاً سياسياً يُستخدم لترسيخ واقع الضم وتبرير الاستيطان، حيث يتحول الأثر إلى أداة لشرعنة وجود المستوطنين وتوسيع نفوذهم داخل المدن والبلدات الفلسطينية.

ما يجري اليوم يعيد إلى الأذهان نماذج استعمارية سابقة، حينما استُخدمت "الآثار" في إفريقيا وآسيا لإضفاء شرعية على الاحتلال، عبر الادعاء بوجود جذور تاريخية مزعومة للقوى المستعمِرة الفارق هنا أن إسرائيل لا تكتفي بالسيطرة على الأرض، بل تسعى إلى تزوير ذاكرة المكان نفسه وطمس أي رمز يعكس هوية الشعب الفلسطيني.

الخطوة تهدد بشكل مباشر فرص تطبيق مبدأ حل الدولتين. فحين تُسجَّل المواقع الأثرية كجزء من "الهوية الإسرائيلية"، يتضاءل المجال المتاح لتجسيد الدولة الفلسطينية على أرضها التاريخية وهو ما يجعل الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية أكثر إلحاحاً، ليس فقط كخطوة سياسية، وإنما كآلية لحماية الذاكرة والتاريخ من الطمس المنهجي.

معركة المواقع الأثرية في الضفة لم تعد قضية ثقافية أو أكاديمية، بل هي خط مواجهة حقيقي بين مشروعين: مشروع يحاول تثبيت هوية شعب في أرضه عبر تاريخه، ومشروع استعماري يسعى لانتزاع هذا التاريخ وتحويله إلى أداة للسيطرة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 7