الجيش الإسرائيلي أعلن اليوم الخميس، في بيانه الأخير عن اتصالات مع مسؤولين طبيين ومنظمات دولية في شمال قطاع غزة، بدعوى الاستعداد لنقل السكان إلى الجنوب، هذه الخطوة، التي جاءت متزامنة مع تصعيد القصف على مدينة غزة، ليست مجرد إجراء إنساني كما تحاول إسرائيل تصويره، وإنما تعكس مرحلة جديدة من خططها لإعادة تشكيل الخريطة السكانية في القطاع.
الاتصال المباشر مع قادة القطاع الصحي وطلب نقل المعدات الطبية إلى الجنوب يوضح أن إسرائيل تسعى لتهيئة مبررات عملياتها العسكرية المقبلة الحديث عن تطوير البنية التحتية للمستشفيات في الجنوب يشير إلى رغبة في إظهار صورة "الاستعداد اللوجستي"، في حين يظل الهدف الأوسع مرتبطا بالضغط لإخلاء أكبر مدن القطاع من سكانها.
الخطوة تتزامن مع استدعاء ستين ألفا من جنود الاحتياط، وهي إشارة عملية إلى أن الحكومة ماضية في خطتها رغم الاعتراضات الدولية. في الوقت ذاته، تركت الحكومة الإسرائيلية الباب مفتوحا أمام الوسطاء الدوليين الذين يحاولون تمرير مقترح وقف إطلاق نار مدته ستين يوما يتضمن تبادل أسرى وجثامين رهائن.
التحذيرات الموجهة للقطاع الطبي تثير تساؤلات عن نوايا إسرائيل الحقيقية، خصوصا وأن القصف العنيف استمر على غزة بالتوازي مع هذه الاتصالات ما يُطرح باعتباره حماية للمدنيين قد يكون في الواقع غطاءً لإفراغ الشمال من سكانه وتسهيل عملية السيطرة على المدينة، وهو ما يفسر الضغوط التي يتعرض لها نتنياهو من شركائه اليمينيين لرفض أي هدنة والمضي في سياسة الضم.
التحرك الإسرائيلي الأخير لا ينفصل عن نقاشات داخلية في تل أبيب حول مستقبل غزة، حيث تناقش الحكومة خطة السيطرة الكاملة على المدينة وسط انتقادات دولية متصاعدة التحذير للقطاع الطبي يبدو وكأنه خطوة تمهيدية لتبرير ما هو أكبر إعادة رسم الجغرافيا السكانية للقطاع بالقوة، تحت لافتة الإجلاء والحماية الإنسانية.