وثائق سرية تكشف: بريطانيا شريكة في جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين

2025.08.21 - 12:04
Facebook Share
طباعة


ملفات سرية تكشف استمرار الدعم البريطاني العسكري والدبلوماسي لإسرائيل رغم الانتهاكات المستمرة ضد الفلسطينيين

 

تكشف الوثائق التي رفعت عنها السرية مؤخرًا عن عمق معرفة المملكة المتحدة بالانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين منذ أكثر من عقدين، وتوضح أن الحكومة البريطانية، رغم إدراكها لارتكاب إسرائيل لانتهاكات جسيمة للقانون الدولي وحقوق الإنسان، استمرت في تقديم دعمها العسكري والدبلوماسي والاقتصادي لإسرائيل. وتكشف هذه الملفات أن السياسات البريطانية لم تقتصر على مراقبة الوضع فحسب، بل شملت دعمًا مباشرًا وممنهجًا يساهم في تعزيز قدرة إسرائيل على مواصلة ممارساتها القمعية، بما في ذلك الحصار، والهجمات العسكرية، والاستيطان غير القانوني، والاعتداءات على المدنيين والبنية التحتية المدنية.

 

الظروف التاريخية: الضفة الغربية عام 2002
ما يشبه ما يحدث في غزة اليوم لم يكن وليد اللحظة. في عام 2002، نفذت إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق في الضفة الغربية، أطلقت عليها اسم "الدرع الواقي"، بقرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون. جاءت هذه العمليات كرد فعل على سلسلة التفجيرات الانتحارية التي نفذتها جماعات فلسطينية مسلحة، أبرزها حركة حماس، واستهدفت المدنيين الإسرائيليين. خلال شهر واحد فقط، قتل الجيش الإسرائيلي ما يقرب من 500 فلسطيني، حسب التقارير الداخلية لوزارة الخارجية البريطانية.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن موظفيها تعرضوا للتهديد بالسلاح، وأُطلقت طلقات تحذيرية على سياراتهم، وتضررت مركبتان تابعتان للجنة بواسطة دبابات الجيش الإسرائيلي. كما أفادت تقارير إعلامية وفاة عدد من الفلسطينيين بسبب نقص العلاج الطبي، وما نتج عن الحظر الشامل على حركة السكان الذي أثر على أكثر من مليون شخص.

 

كما وثّقت وسائل الإعلام والجنة الدولية أعمال السرقة والنهب من المنازل والمحلات التجارية، وتخريب منازل المواطنين، بالإضافة إلى مقتل فلسطينيين عزل. وصف تقرير داخلي لوزارة الخارجية البريطانية تلك الأحداث بأنها "نمط متكرر من انتهاكات حقوق الإنسان" من قبل الجيش الإسرائيلي، وهو ما يعكس شبهًا صارخًا بما يحدث حاليًا في غزة.

 

ردود المسؤولين البريطانيين على الانتهاكات
رغم ذلك، احتج بعض المسؤولين البريطانيين على طبيعة العمليات العسكرية الإسرائيلية. ففي محادثة سرية، أعرب السفير البريطاني لدى إسرائيل، شيرارد كوبر-كولز، عن انزعاجه من الهجوم العسكري على المناطق الفلسطينية، وقال لمستشار شارون للشؤون الخارجية، داني أيالون: "كان سلوك جيش الدفاع الإسرائيلي أحق بالجيش الروسي منه بسلوك دولة يُفترض أنها متحضرة. لا شك أن جنودًا أفرادًا خرجوا عن السيطرة، وارتكبوا أفعالًا أثارت غضب الرأي العام الدولي".

 

وأبدى اللورد مايكل ليفي، المبعوث الخاص لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير، موقفًا مشابهًا خلال اجتماع خاص مع وزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر، مؤكدًا أن "لا يوجد حل عسكري لهذا النوع من المشاكل"، وأن الإرهاب موجود على كلا الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، ولكنه شدد على أن "التصرفات الإسرائيلية تسهم في تصعيد العنف وزيادة عدد المفجرين الانتحاريين".

القوة المفرطة والانتهاكات الروتينية
تحتوي الملفات التي كشفت عنها الحكومة البريطانية العام الماضي على تقرير غير عادي كتبّه ضابط كبير في الجيش البريطاني، وصف فيه قوات الدفاع الإسرائيلية بأنها "قوة من الدرجة الثانية، غير منضبطة، متغطرسة، ومتعمّدة استخدام القوة المفرطة بشكل روتيني". وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يطلق النار على "أرجل" راشقي الحجارة أو على إطارات السيارات، وهو ما يؤدي إلى إصابة المدنيين الفلسطينيين أو وفاتهم، مع تأثير مباشر على سيارات الإسعاف التي تنقل المصابين إلى المستشفيات.

 

وأضاف الضابط البريطاني أن المجال الوحيد الذي تمت فيه محاسبة الأفراد هو حالات وفاة الجنود الإسرائيليين أنفسهم، بينما لا يُحاسب أي مسؤول على قتل الفلسطينيين. وأوضح أن الجيش الإسرائيلي ينظر إلى العرب بازدراء ويحتقر حياتهم مقارنة بحياة الإسرائيليين اليهود، وهو ما يعكس نظرة متجذرة في المؤسسة العسكرية.

 

كما أظهرت الملفات أن الجيش الإسرائيلي استخدم دباباته وجرافاته لقطع أنابيب المياه الرئيسية في 24 موقعًا بمدينة رام الله ومدن أخرى، وهو ما أشار إليه تقرير صادر عن منظمة أوكسفام. وتكرر هذا النمط في غزة لاحقًا، عندما قطعت إسرائيل إمدادات المياه عن القطاع في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو الإجراء الذي أيده زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر، معتبرًا أن لإسرائيل "الحق" في اتخاذ مثل هذا القرار.

 

دور المملكة المتحدة في دعم إسرائيل
على مدى 23 عامًا، لعبت المملكة المتحدة دورًا مركزيًا في دعم إسرائيل على المستوى العسكري والتجاري والدبلوماسي. ففي أبريل/نيسان 2002، كانت صادرات الأسلحة البريطانية لإسرائيل أقل من مليون جنيه إسترليني سنويًا، بينما ارتفعت لاحقًا لتصل منذ عام 2008 إلى 590 مليون جنيه إسترليني سنويًا. وشملت هذه الدعم العسكري المباشر، التدريبات المشتركة، والمناورات بين قوات البلدين.

 

كما شملت العلاقة بين بريطانيا وإسرائيل اتفاقيات سرية وعلاقات استراتيجية، منها الاتفاقية العسكرية الموقعة في ديسمبر/كانون الأول 2020، واتفاقية "خارطة الطريق" الاستراتيجية لعام 2023، بالإضافة إلى دعم دبلوماسي عالمي من وايتهول وستمنستر والأمم المتحدة، يعزز من قدرة إسرائيل على مواصلة سياساتها في الأراضي الفلسطينية.

 

التأثير على إمكانية قيام دولة فلسطينية
لم تقتصر الملفات على الجوانب العسكرية والدبلوماسية، بل كشفت أيضًا عن علم المسؤولين البريطانيين بموقف إسرائيل المعارض لإنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة. وأشار مستشار السياسة الخارجية لبلير، ديفيد مانينغ، في أبريل/نيسان 2002، إلى أن حكومة شارون لم تقدم سوى "فكرة غامضة للغاية عن دولة فلسطينية"، وأن الاعتراف الرسمي بفلسطين كدولة لم يكن أولوية إسرائيلية.

 

بعد عامين، ناقش توني بلير فكرة إقامة "شراكة إسرائيلية مميزة" مع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، في حال التوصل إلى اتفاق سلام، وهو ما يعكس استمرار دعم المملكة المتحدة لإسرائيل على الرغم من الانتهاكات المتكررة.

تكشف الوثائق البريطانية أن السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين لم تتغير جذريًا خلال العقدين الماضيين، وأن المملكة المتحدة كانت على دراية بكل ذلك، لكنها اختارت تقديم الدعم المستمر. يعكس هذا واقعًا مزدوج المعايير في السياسة الدولية، حيث يُدان العنف والانتهاكات، بينما يستمر الدعم العسكري والاقتصادي للدولة المعتدية. ومع استمرار الاحتلال، يظل الفلسطينيون يعانون من انتهاكات مستمرة، ويستمر التوسع الاستيطاني غير القانوني، في ظل غياب أي رد فعل دولي فعال يمكن أن يفرض احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان.

 

الدعم العسكري والاقتصادي البريطاني لإسرائيل

2002: صادرات أسلحة منخفضة (<1 مليون جنيه إسترليني سنويًا).

2008 وما بعده: ارتفاع صادرات الأسلحة إلى 590 مليون جنيه إسترليني سنويًا.

اتفاقيات تدريب مشتركة ومناورات عسكرية مستمرة لعقود.

اتفاقية عسكرية سرية ديسمبر 2020، واتفاقية "خارطة الطريق" 2023.

دعم دبلوماسي في الأمم المتحدة وعلى المستوى الدولي.

 

 

جدول زمني مفصل 2002 – 2025

السنة الحدث تفاصيل الدور البريطاني

2002 عملية الدرع الواقي تدخل عسكري واسع في الضفة الغربية، مقتل 500 فلسطيني، تدمير البنية التحتية تقارير بريطانية تحذر من الانتهاكات، بعض الدبلوماسيين يعترضون
2002 تقرير أوكسفام استخدام دبابات لتدمير أنابيب المياه الإشارة للتقارير، دعم محدود للإجراءات الإنسانية
2003 لقاء شارون – بلير توني بلير يؤكد "شراكة خاصة" مع إسرائيل استمرار العلاقات الدبلوماسية القوية
2008 تصدير أسلحة تجاوزت قيمة صادرات الأسلحة 590 مليون جنيه إسترليني سنويًا دعم مستمر رغم الانتهاكات
2020 اتفاقية عسكرية سرية تعزيز التعاون العسكري بين البلدين اتفاقية سرية لدعم إسرائيل
2023 حصار غزة قطع المياه والكهرباء، استهداف المدنيين دعم دبلوماسي وسياسي مستمر من المملكة المتحدة
2025 استمرار العمليات استمرار الانتهاكات في غزة تغطية بريطانية دبلوماسية، تصريحات داعمة للسياسات الإسرائيلية 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 10