تصعيد نفسي.. بن غفير يعلق صور غزة المدمرة بسجون الاحتلال

– وكالة أنباء آسيا

2025.08.21 - 08:21
Facebook Share
طباعة

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء، كشف عضو المجلس التشريعي الفلسطيني مصطفى البرغوثي أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير أمر بتعليق صور الدمار الذي خلّفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة داخل السجون الإسرائيلية، في محاولة لإخضاع الأسرى الفلسطينيين عبر الضغط النفسي.

أداة قمع جديدة

بحسب الفيديو الذي نشره البرغوثي على منصة "إكس"، ظهر بن غفير وهو يشير إلى إحدى الصور المعلقة قائلاً: "هذا ما يشاهدونه صباحًا عند خروجهم إلى ساحة السجن. أحدهم هنا، أعتقد أن هذا منزله".
هذه الخطوة وصفها البرغوثي بأنها جزء من "سياسة ترهيب منظمة تستهدف الأسرى السياسيين الفلسطينيين، وتندرج ضمن الحرب النفسية الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني".

ممارسات متكررة بأدوات مختلفة

لم يكن هذا الإجراء معزولًا، إذ سبق أن أفادت تقارير إسرائيلية في فبراير الماضي بأن الأسرى الذين أُفرج عنهم في صفقات تبادل سابقة عُرضت عليهم مقاطع فيديو أنتجها جيش الاحتلال الإسرائيلي بالتعاون مع مصلحة السجون، توثق مشاهد دمار شامل في غزة. الهدف من تلك الخطوة، وفق محللين، كان محاولة كسر الروح المعنوية للأسرى وإرسال رسائل غير مباشرة لحركة حماس بشأن كلفة استمرار المواجهة.

مواجهة مباشرة مع الرموز الفلسطينية

الجدل تصاعد بعد أن اقتحم بن غفير زنزانة القائد الفلسطيني مروان البرغوثي، موجهًا له تهديدًا مباشرًا بقوله: "لن تهزمنا. من يعبث بشعب إسرائيل، من يقتل أطفالنا ونسائنا، سنبيده".

هذا التصريح اعتبرته وزارة الخارجية الفلسطينية "إرهاب دولة منظم"، وأصدرت بيانًا شديد اللهجة أدانت فيه ما وصفته بـ"استفزاز غير مسبوق"، مؤكدة أن هذه السلوكيات تكشف الطابع العقابي والعنصري لسياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية.

بن غفير: الإصرار على الخطاب المتطرف

في مواجهة الانتقادات، لم يتراجع بن غفير عن تصريحاته بل كررها بشكل علني قائلاً: "سأكرر كلماتي دون اعتذار: كل من يعبث بشعب إسرائيل، كل من يقتل أطفالنا ونسائنا – سنبيده بعون الله". هذا التحدي يعكس إصرارًا من وزير الأمن القومي على تبني خطاب اليمين الديني المتشدد، معتمدًا على سياسة المواجهة لا التهدئة، حتى داخل السجون.

 

تأتي هذه التطورات في وقت حساس للغاية، إذ يتزامن تصعيد بن غفير مع استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية داخل مدينة غزة، وسط نقاشات داخلية حول إمكانية التوصل إلى صفقة تبادل أسرى جديدة.
ويرى محللون أن خطوة تعليق صور الدمار في السجون لا تستهدف فقط الضغط على الأسرى، بل تحمل أيضًا رسالة مزدوجة: من جهة إظهار قبضة صارمة أمام الجمهور الإسرائيلي اليميني المتطرف، ومن جهة أخرى محاولة إيصال رسالة ردع لحماس بأن الثمن الإنساني للحرب سيظل حاضرًا حتى داخل المعتقلات.

سياسة ممنهجة ضد الأسرى

منذ سنوات، يشكل ملف الأسرى الفلسطينيين ساحة مواجهة مركزية بين الاحتلال والفصائل الفلسطينية.
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، بات ملف الأسرى محورًا مركزيًا في أي نقاش سياسي أو تفاوضي. ومع صعود بن غفير إلى منصب وزير الأمن القومي، اتجهت السياسة الإسرائيلية نحو تشديد غير مسبوق ضد الأسرى، شملت تقليص الزيارات العائلية، تقييد ظروف الاحتجاز، واستخدام الحرب النفسية بشكل علني.

منظمات حقوقية فلسطينية ودولية وصفت هذه الإجراءات بأنها عقوبات جماعية تتعارض مع القانون الدولي الإنساني، محذّرة من أن توظيف معاناة الأسرى في الحسابات السياسية والعسكرية قد يؤدي إلى انفجار ميداني جديد، خاصة داخل السجون الإسرائيلية التي تُعتبر بؤرة قابلة للاشتعال في أي لحظة.

ويؤكد حقوقيون فلسطينيون أن هذه الممارسات تندرج في إطار "العقوبات الجماعية"، وهي مخالفة للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تكفل للأسير حقوقًا أساسية حتى في زمن النزاعات المسلحة.

 

إيتمار بن غفير، المعروف بخطابه الشعبوي اليميني المتطرف، يحاول تكريس حضوره السياسي عبر إجراءات صادمة تجذب أنظار الداخل الإسرائيلي وتستفز الجانب الفلسطيني. لكن هذه السياسات، التي تقوم على تصعيد نفسي وميداني، قد تترك أثرًا معاكسًا يتمثل في زيادة التفاف الشارع الفلسطيني حول قضية الأسرى، وتحويلها إلى محور رئيسي في أي مفاوضات قادمة مع الاحتلال.


خطوة بن غفير بتعليق صور غزة المدمرة في السجون لا يمكن قراءتها كتصرف فردي، بل كجزء من سياسة حكومية تسعى إلى الضغط على الأسرى وإرسال رسائل ردع لحماس. غير أن خطورة هذه الخطوة تكمن في أنها قد تضع المفاوضات الخاصة بصفقة التبادل على المحك، إذ تعزز انعدام الثقة بين الجانبين، وتدفع المقاومة الفلسطينية لتشديد مواقفها.


بالمحصلة، قد تكون سياسة بن غفير محاولة لكسب نقاط سياسية داخلية، لكنها على المدى البعيد تزيد تعقيد الأزمة وتؤجج الغضب الفلسطيني، ما يفتح الباب أمام جولة جديدة من التوتر داخل السجون وخارجها. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 7