اجتياح غزة: إسرائيل تفتح أخطر مراحل الحرب

– وكالة أنباء آسيا

2025.08.21 - 07:51
Facebook Share
طباعة

مع الساعات الأولى من يوم 21 أغسطس/آب، دخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منعطفًا جديدًا بعد إعلان الجيش الإسرائيلي بدء خطوات عملية للاستيلاء على مدينة غزة. القرار، الذي أطلق عليه اسم عملية "عربات جدعون 2"، جاء بموافقة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (كاتس في بعض المصادر العبرية) وقيادة الأركان، وسط استدعاء عشرات آلاف جنود الاحتياط، وإعلان خطة لإخلاء المدنيين جنوبًا لتأمين غطاء سياسي وإنساني للعملية.

 

المرحلة الميدانية: اجتياح تدريجي ومواجهات مفتوحة

أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن قواته باتت "تسيطر على مشارف مدينة غزة" وأن وحدات برية مدعومة بسلاح الجو والمخابرات بدأت التوغل نحو قلب المدينة. الاستراتيجية الإسرائيلية ترتكز على تطويق المدينة وعزل مقاتلي حماس داخلها، مع استمرار الهجمات الجوية والمدفعية على جباليا وخان يونس، وتكثيف العمليات الخاصة لتدمير الأنفاق والبنى التحتية العسكرية.

الجيش أوضح أن 60 ألف جندي احتياط سيستدعون على دفعتين لدعم العملية، إلى جانب 20 ألفًا سيبقون في الخدمة الفعلية، ما يشير إلى استعداد لحملة طويلة الأمد قد تستنزف قدرات إسرائيل العسكرية والاقتصادية.

 

رهائن غزة: ورقة مساومة تعقد المشهد

لا تزال قضية 50 أسيرًا إسرائيليًا محتجزين لدى حماس داخل الأنفاق تمثل العقدة الأخطر في المشهد. عائلات الرهائن طالبت الحكومة بوقف العملية العسكرية أو تقديم ضمانات لعدم تعريض أبنائهم للقتل، فيما تجاهلت القيادة السياسية هذه الدعوات مؤكدة أن هدفها "إطلاق سراح جميع الأسرى وإنهاء حكم حماس".

على الجانب الآخر، قدمت مصر مقترحًا مدعومًا من حماس، يتضمن هدنة لمدة 60 يومًا مقابل الإفراج عن عشرة رهائن فقط، لكن إسرائيل رفضت العرض معتبرة أنه "لا يلبي المعايير التي حددها مجلس الوزراء".


كارثة تتسع

رغم تصريحات الجيش الإسرائيلي عن توفير ممرات لإجلاء المدنيين، إلا أن تقارير المنظمات الإنسانية تؤكد أن مئات الآلاف من السكان محاصرون داخل مدينة غزة والمناطق المجاورة. ومع انقطاع المياه والكهرباء ونقص الغذاء، أعلنت الأمم المتحدة أن الوضع "قابل للانفجار في أي لحظة".

إسرائيل أشارت إلى أنها سمحت بدخول 400 شاحنة مساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، بالإضافة إلى إنزال 185 منصة إغاثة جوًا بمشاركة دولية، لكن منظمات إغاثية شككت في كفاية هذه المساعدات قياسًا بحجم الكارثة الإنسانية.

 

الداخل الإسرائيلي: انقسام سياسي وتوظيف أمني

القرار الإسرائيلي أثار سجالًا سياسيًا واسعًا. زعيم المعارضة يائير لابيد اتهم الحكومة بأنها "الأسوأ منذ قيام الدولة" بسبب قراراتها المتسرعة، بينما كشفت تقارير عن احتمالية عودة بيني غانتس إلى حكومة نتنياهو لدعم صفقة تبادل الأسرى، في خطوة قد تعزز موقف نتنياهو داخليًا لكنها ستثير صراعًا مع وزراء اليمين المتطرف مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

وفي خطوة أثارت الجدل، عمد بن غفير إلى تعليق صور الدمار في غزة داخل السجون الإسرائيلية بهدف "ردع الأسرى الفلسطينيين"، وهو ما اعتبره مصطفى البرغوثي "تصعيدًا نفسانيًا" يعبّر عن قسوة غير مسبوقة في التعامل مع الفلسطينيين.

 

الموقف الدولي: دعوات عاجلة لوقف النار

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعا من اليابان إلى "وقف فوري لإطلاق النار" محذرًا من أن اجتياح غزة سيؤدي إلى خسائر بشرية ومادية هائلة. في المقابل، واصلت الإدارة الأمريكية إرسال إشارات متناقضة؛ ففي حين تدعم حق إسرائيل في "الدفاع عن نفسها"، كشفت واشنطن بوست عن خلافات داخل وزارة الخارجية الأمريكية أدت إلى إقالة مسؤول صحفي عارض خطط الإدارة بشأن إخلاء الفلسطينيين من غزة.

افتتاح إسرائيل سفارة جديدة في زامبيا بدا بدوره خطوة رمزية للتأكيد على اتساع دائرة التطبيع الدبلوماسي رغم الحرب، في وقت تزداد فيه عزلة تل أبيب على الساحة الدولية بسبب انتهاكاتها في غزة.

 

معركة غزة والبعد الاستراتيجي

عملية "عربات جدعون 2" ليست مجرد اجتياح عسكري، بل تمثل رهانًا استراتيجيًا لإسرائيل:

1. أمنيًا: الهدف المعلن هو القضاء على البنية العسكرية لحماس والسيطرة على غزة، لكن التجارب السابقة تشير إلى صعوبة إخضاع المدينة، نظرًا لتعقيد شبكة الأنفاق وكثافة المقاتلين.


2. سياسيًا: نتنياهو يسعى لترميم صورته بعد الضربات الإيرانية والهجمات المستمرة من حزب الله في الشمال، لكن أي فشل أو خسائر بشرية كبيرة قد تفتح الباب لانهيار حكومته.


3. إقليميًا: القاهرة والدوحة تبذلان جهودًا للحوار، فيما تراقب طهران وحزب الله التطورات لاحتمال فتح جبهات جديدة إذا استمر الاجتياح.


4. إنسانيًا: الكارثة الإنسانية المتصاعدة قد تشكل ضغطًا دوليًا غير مسبوق على إسرائيل، وربما تدفع نحو فرض هدنة قسرية عبر مجلس الأمن أو مبادرات أوروبية – آسيوية.

 

 


إسرائيل إذ تدخل قلب غزة، فإنها تدخل أيضًا أخطر اختبار وجودي منذ حرب أكتوبر 1973. العملية لا تبدو مجرد "مرحلة ميدانية" بل معركة تقرير مصير: إما فرض معادلة جديدة على الفلسطينيين بالقوة، أو التورط في حرب استنزاف مفتوحة داخل مدينة مكتظة بالسكان، قد تتحول إلى مقبرة سياسية وعسكرية لنتنياهو وحكومته.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 2