ما وراء سياسة التهجير القسري في غزة: دوافع وتداعيات إنسانية

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.20 - 10:12
Facebook Share
طباعة

تشهد غزة تصعيدًا غير مسبوق في عمليات التهجير القسري، ما يعكس سياسة ممنهجة تتجاوز مجرد الاستهداف العسكري لتتحول إلى استراتيجية لإعادة تشكيل الجغرافيا السكانية والسيطرة على المدن الفلسطينية الكبرى. هذه السياسة، التي تصفها إسرائيل بأنها تهدف إلى نقل السكان نحو "مناطق إنسانية آمنة"، تتسبب في أزمات انسانية هائلة، حيث تصبح المدنيون عاجزين عن الحصول على الحماية أو الخدمات الأساسية، بينما تواجه الجهات الإنسانية، مثل الدفاع المدني، صعوبات بالغة في الوصول إلى المناطق المتضررة بسبب القيود العسكرية وعدم التنسيق من القوات المحتلة.

الخلفيات السياسية لهذه السياسة تتعدد، ويأتي في مقدمتها الضغوط الداخلية في إسرائيل لتعزيز سيطرة الحكومة على قطاع غزة وإضعاف أي قدرة على مقاومة الاحتلال. كذلك، تعكس هذه السياسة رغبة واضحة في فرض واقع ديمغرافي جديد يضمن لإسرائيل الهيمنة على المناطق الحيوية تدريجيًا. الدعم الدولي، خاصة من الولايات المتحدة، يلعب دورًا أساسيًا في تعزيز القدرة الإسرائيلية على تنفيذ هذه الاستراتيجية دون أي محاسبة حقيقية، مما يشجع على استمرار الانتهاكات المتكررة للقانون الإنساني الدولي وميثاق جنيف.

من الناحية الإنسانية، فإن تهجير الفلسطينيين نحو مناطق محددة يضاعف معاناتهم، ويزيد من نسبة النزوح الداخلي، ويعرض السكان لمخاطر شديدة تتعلق بالسلامة البدنية والنفسية. الأطفال والنساء والمسنون هم الفئات الأكثر تضررًا، حيث تتفاقم مشاكل التغذية والصحة النفسية والاجتماعية نتيجة انقطاع الوصول إلى الموارد الأساسية والضغط النفسي الناتج عن القصف والتهجير. كما تؤدي هذه السياسة إلى تعطيل عمل طواقم الدفاع المدني والهيئات الإنسانية، ما يزيد من معدلات الخسائر البشرية ويضع المدنيين في حالة عجز كامل أمام العنف المستمر.

تداعيات هذه السياسة تتجاوز الجانب الإنساني لتصل إلى الأبعاد السياسية والإقليمية استمرار عمليات التهجير القسري يعمق الانقسام الدولي حول غزة ويزيد من تعقيد أي جهود للتوصل إلى حلول سلمية، ويضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لمصداقيته في حماية المدنيين وفرض احترام القانون الدولي. كما أن هذه السياسات تترك آثارًا طويلة الأمد على التركيبة الاجتماعية والاقتصادية في القطاع، مع مخاطر استمرار نزوح السكان وظهور أجيال جديدة تعيش في بيئة من العنف والحرمان.

يبقى التدخل الدولي عاملاً حاسمًا في مواجهة الانتهاكات المستمرة، إذ يتطلب حماية المدنيين فرض احترام القانون الإنساني الدولي والحد من سياسات التهجير القسري. القدرة على ممارسة ضغوط دبلوماسية وحقوقية حقيقية ستحدد مدى نجاح المجتمع الدولي في حماية الملايين من الفلسطينيين المتضررين، وضمان توقف العنف والتهجير في الوقت نفسه، فإن استمرار هذه السياسات يطرح تحديات كبيرة أمام أي جهود لإحلال السلام في غزة والمنطقة، ويترك آثارًا طويلة الأمد على التركيبة الاجتماعية والاقتصادية للسكان، ويعكس الحاجة الملحة إلى تحرك عاجل يوقف معاناة المدنيين ويعيد التوازن للقوانين الدولية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 1