في خطوة مثيرة للجدل، وافقت الحكومة الإسرائيلية، في 20 أغسطس 2025، على مشروع استيطاني ضخم في منطقة E1 بالضفة الغربية المحتلة. المشروع، الذي يهدف إلى بناء نحو 3,500 وحدة سكنية لتوسيع مستوطنة "معاليه أدوميم" شرق القدس، يُعتبر من أخطر المشاريع الاستيطانية التي تهدد بتقسيم الضفة الغربية إلى جزئين، مما يُنذر بالقضاء على أي أفق لإقامة دولة فلسطينية متواصلة الأراضي.
يشمل المشروع بناء 3,500 وحدة سكنية في منطقة E1، التي تمتد بين مستوطنة "معاليه أدوميم" وبلدة العيزرية الفلسطينية. هذه المنطقة تُعتبر استراتيجية، حيث تربط شمال الضفة الغربية بجنوبها، وتُعد بمثابة شريان حيوي للتواصل بين مدن رام الله وبيت لحم والخليل. الموافقة على المشروع جاءت بعد سنوات من التجميد، حيث كانت تواجهه اعتراضات قانونية وضغوط دولية، خاصة من الولايات المتحدة. ومع ذلك، قررت لجنة التخطيط والبناء الإسرائيلية، في 6 أغسطس 2025، رفض الاعتراضات المتبقية، مما مهد الطريق للموافقة النهائية في 20 أغسطس.
من الناحية الجغرافية، يُعتبر مشروع E1 بمثابة حاجز جغرافي يفصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها. بناء المستوطنة في هذه المنطقة سيُعزل مدن مثل رام الله وبيت لحم عن بعضها البعض، مما يُصعّب إمكانية إقامة دولة فلسطينية متواصلة الأراضي. سيُؤدي المشروع إلى تدمير أي أفق للتواصل الجغرافي بين التجمعات الفلسطينية، ويُعزز من سياسة الفصل والتقسيم التي تنتهجها إسرائيل.
سياسيًا، يُنظر إلى هذا المشروع كجزء من استراتيجية إسرائيلية لفرض واقع جديد على الأرض، يُصعّب من أي مفاوضات مستقبلية حول حل الدولتين. المشروع يأتي في وقت حساس، حيث تتصاعد التوترات في المنطقة، مما يُنذر بتفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية.
المجتمع الدولي، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، يُدين هذا المشروع باعتباره غير قانوني بموجب القانون الدولي. تعتبر هذه الأطراف أن الاستيطان في الأراضي المحتلة يُعد انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن، خاصة القرار 2334 الذي يُؤكد على عدم شرعية المستوطنات.
السلطة الفلسطينية وصفت المشروع بأنه "استيطان استعماري" يهدف إلى القضاء على أي أفق لدولة فلسطينية. ودعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات رادعة ضد إسرائيل لوقف تنفيذ هذا المشروع.
داخل إسرائيل، يُعتبر مشروع E1 خطوة هامة في تعزيز السيادة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة. وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الذي يُعد من أبرز مؤيدي المشروع، وصفه بأنه "ضربة قاضية" لأي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية. في المقابل، يُعارض بعض المسؤولين الإسرائيليين هذا المشروع، معتبرين أنه يُعقّد العلاقات مع المجتمع الدولي ويُؤثر سلبًا على صورة إسرائيل في العالم.
من الناحية الإنسانية، يُهدد مشروع E1 بتهجير العديد من العائلات الفلسطينية، خاصة تلك التي تقطن في منطقة العيزرية والمناطق المحيطة. هذه العائلات تواجه خطر فقدان منازلها ومصادر رزقها، مما يُفاقم من معاناتها اليومية. بالإضافة إلى ذلك، يُؤثر المشروع على الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، ويُزيد من معدلات الفقر والبطالة في المنطقة.
قرار إسرائيل بالموافقة على مشروع E1 الاستيطاني يُعتبر خطوة تصعيدية تُهدد بتغيير المعالم الجغرافية والسياسية للضفة الغربية. المشروع يُعزز من سياسة الفصل والتقسيم، ويُقلص من فرص تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة. في ظل هذا التصعيد، يبقى السؤال: هل سيستطيع المجتمع الدولي ممارسة ضغوط فعّالة على إسرائيل لوقف تنفيذ هذا المشروع، أم أن الوضع سيظل مرهونًا بالمصالح السياسية والتوازنات الإقليمية؟