أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن العملية العسكرية الإسرائيلية للسيطرة على مدينة غزة من المتوقع أن تمتد حتى عام 2026، وهو إعلان يوضح طبيعة الاستراتيجية طويلة الأمد التي تتبناها تل أبيب تجاه القطاع. وتتضمن الخطة تعبئة واسعة النطاق للقوات، حيث من المتوقع أن يصل عدد جنود الاحتياط إلى 130 ألف جندي في ذروة العمليات العسكرية داخل المدينة، ما يعكس حجم التصعيد الذي تستعد له إسرائيل.
وفي سياق متصل، أفادت هيئة البث الإسرائيلية "كان" بأن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرايل كاتس، صادق على خطة السيطرة على غزة، على أن تعرض على القيادة السياسية ومجلس الوزراء يوم الخميس للموافقة النهائية. وتأتي هذه التحركات في ظل تصريحات سابقة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي شدد على عزمه فرض السيطرة على كامل أراضي القطاع لضمان "أمن إسرائيل"، معتبرًا أن العملية خطوة حاسمة لإخضاع حركة حماس وإنهاء وجودها المسلح.
أبعاد الاستراتيجية العسكرية:
التصعيد العسكري الإسرائيلي يشير إلى تحول نوعي في طريقة إدارة النزاع. إذ لم تعد العمليات تقتصر على غارات محددة أو استهداف قيادات حماس، بل تتجه نحو احتلال فعلي للمدينة وفرض سيطرة أمنية كاملة، بما يشمل المعاقل الأخيرة للحركة. الإعلان عن أعداد الجنود الكبيرة والجدول الزمني المكثف يشير إلى استعداد إسرائيل لخوض عملية عسكرية موسعة ومكثفة، قد تتضمن مواجهات حضرية مباشرة في قلب المدينة، وهو ما يزيد من احتمالات الخسائر البشرية والدمار الواسع في البنية التحتية المدنية.
البعد السياسي والاستراتيجي:
تصريحات نتنياهو تكشف عن نية إسرائيل استبعاد أي دور لحماس أو للسلطة الفلسطينية في المستقبل السياسي لغزة، مؤكدًا أن "شروط حماس للتوصل إلى اتفاق هي شروط استسلام لنا"، وهو موقف يشير إلى عدم وجود نية للتسوية أو المفاوضة، بل فرض نموذج حكم مدني جديد يسيطر عليه الاحتلال الإسرائيلي مباشرة. هذا التحرك قد يغير معادلات السلطة داخل القطاع، ويخلق فراغًا سياسيًا يصعب إدارته محليًا ودوليًا، خاصة في ظل الضغوطات الإنسانية الدولية المتزايدة.
البعد الإنساني:
عملية بهذا الحجم وطول المدة المتوقعة من شأنها أن تثير أزمة إنسانية غير مسبوقة في غزة، التي تعاني منذ سنوات من حصار اقتصادي ومعيشي شديد. تحريك قوات احتياط ضخمة وعمليات عسكرية موسعة داخل المدينة سيؤدي لا محالة إلى نزوح داخلي واسع، وزيادة عدد الضحايا المدنيين، وتدمير البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس وشبكات الكهرباء والمياه.
البعد الإقليمي والدولي:
هذه التحركات العسكرية تأتي في ظل متابعة دولية حذرة، حيث سيؤدي استمرار التصعيد الإسرائيلي إلى زيادة التوترات في المنطقة، وربما ردود فعل قوية من الفصائل الفلسطينية الأخرى، وهو ما قد يفتح جبهات جديدة في الضفة الغربية وداخل إسرائيل نفسها. كما أن التحرك الإسرائيلي قد يثير انتقادات واسعة من المجتمع الدولي، بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان والهيئات الدولية، التي غالبًا ما تنتقد العمليات العسكرية التي تؤدي إلى تضرر المدنيين.
خلاصة التحليل:
إعلان إسرائيل عن خطة طويلة المدى للسيطرة على غزة يضع المنطقة أمام مرحلة جديدة من النزاع، تمتزج فيها السياسة بالقوة العسكرية، مع غياب مؤشرات على تسوية سياسية. الأبعاد العسكرية والسياسية والاستراتيجية لهذه الخطة ستؤثر بشكل مباشر على الوضع الإنساني في القطاع، وستشكل تحديًا للضغوط الدولية والإقليمية. كما أنها تعكس تصميم تل أبيب على فرض نموذج السيطرة الكامل على غزة، مهما كانت التكاليف، وهو ما قد يضع المنطقة على صفيح ساخن لسنوات قادمة.