لقاء سوري إسرائيلي نادر في باريس… ما لم يُعلن بعد

رزان الحاج

2025.08.20 - 11:11
Facebook Share
طباعة

 في تطور دبلوماسي مفاجئ، شهدت العاصمة الفرنسية باريس، يوم الثلاثاء 19 آب، اجتماعًا مباشرًا جمع بين وزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد حسن الشيباني، ووفد رسمي إسرائيلي برئاسة وزير الشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية، رون ديرمر، وذلك بوساطة أمريكية تهدف إلى بحث آليات خفض التصعيد وتعزيز الاستقرار، خاصة في المنطقة الجنوبية من سوريا.


اللقاء الذي أعلنت عنه وكالة الأنباء السورية الرسمية جاء في سياق جهود دولية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة تحريك مسار التسوية في سوريا، وسط تصاعد التوترات في الجنوب السوري، لاسيما في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية.


وبحسب ما ورد، فقد ركزت المباحثات على ملفات سياسية وأمنية حساسة، من بينها مراقبة وقف إطلاق النار في السويداء، وإعادة تفعيل اتفاق فض الاشتباك لعام 1974 الموقع بين سوريا وإسرائيل برعاية الأمم المتحدة، والذي كان قد أسس لإبقاء خطوط التماس في الجولان دون تغيير، والالتزام الصارم بوقف إطلاق النار على الجانبين.


الوفدان السوري والإسرائيلي ناقشا كذلك مبدأ "عدم التدخل في الشؤون الداخلية"، إلى جانب تفاهمات ثنائية مؤقتة قد تسهم في احتواء التوتر، خصوصًا بعد تصاعد الاشتباكات المحلية في السويداء خلال الأسابيع الماضية.


ممر إنساني بين السويداء وإسرائيل؟
في موازاة اللقاء الرسمي، كشف موقع "أكسيوس" الأمريكي عن مبادرة أمريكية جديدة تتمثل في إنشاء ممر إنساني بين مدينة السويداء والجانب الإسرائيلي، بهدف إيصال مساعدات إنسانية عاجلة للمدنيين في الجنوب السوري. وتأتي هذه المبادرة، بحسب التقرير، كمقدمة محتملة لتهدئة أوسع، وربما خطوة أولى نحو تطبيع محدود ومشروط بين سوريا وإسرائيل، تحت إشراف أمريكي مباشر.


وأشار مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون، لم يُكشف عن أسمائهم، إلى أن هذا الاتفاق قد يشكّل فرصة لواشنطن لإعادة تفعيل دورها المتراجع في الملف السوري، خاصة مع تحولات الميدان وتغير المعادلات الإقليمية.


الطائفة الدرزية في قلب المشهد
في موازاة اللقاء الرسمي السوري–الإسرائيلي، جرى اجتماع آخر لا يقل أهمية، جمع بين المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس براك، والشيخ موفق طريف، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، وذلك أيضًا في باريس.
وبحسب بيان صادر عن طريف، فقد طالب الجانب الأمريكي بضمانات واضحة تشمل:
- تثبيت شامل لوقف إطلاق النار في السويداء.
- فتح ممر إنساني آمن نحو المحافظة بضمانات أمريكية.
- رفع الحصار المفروض على مناطق درزية داخل سوريا.
- الإفراج عن المختطفين وعودة النازحين إلى قراهم في المقرن الغربي والشمالي.


وأوضح طريف أن هذا اللقاء جرى قبل ساعات فقط من اجتماع الوزير الشيباني مع الوفد الإسرائيلي، مما يشير إلى تنسيق واضح بين كافة الأطراف ذات الصلة، بمن فيهم المجتمع الدرزي في إسرائيل، الذي ينظر بقلق إلى ما يجري في السويداء.


تأكيد أمريكي على الحل السياسي

المبعوث الأمريكي توماس براك وصف لقاءه مع طريف بـ"الودي والمثمر"، وأكد في منشور على منصة "إكس" أن بلاده تواصل جهودها الحثيثة مع شركائها الإقليميين والمحليين لدفع الاستقرار واحتواء التوترات، مع التركيز على حماية المدنيين وبناء تفاهمات تحفظ التوازن المحلي.


وأضاف براك أنه ناقش مع طريف آفاق تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف في السويداء، والتأكيد على أهمية تجنب أي انزلاق نحو صراع أوسع قد يقوّض فرص الحل الشامل في سوريا.


دعم إقليمي متزايد
هذا التحرك يأتي أيضًا بعد أيام من اجتماع ثلاثي عُقد في عمّان، وجمع بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ونظيره الأردني أيمن الصفدي، والمبعوث الأمريكي توماس براك. وقد أسفر الاجتماع عن تشكيل مجموعة عمل ثلاثية (سورية–أردنية–أمريكية) بهدف دعم جهود وقف إطلاق النار في الجنوب السوري، وبناء مسار سياسي مشترك يُراعي السيادة السورية ويعزز الأمن الإقليمي.


ومن المتوقع أن تبدأ هذه المجموعة عملها الميداني خلال الأسابيع المقبلة، بالتوازي مع الجهود الدولية الأخرى، وعلى رأسها المبادرة الأمريكية الجديدة التي يبدو أنها تحظى بزخم واسع، خصوصًا في ضوء تفاعل الطائفة الدرزية ودعواتها العلنية لدعم المدنيين في السويداء.


لحظة اختبار للدبلوماسية السورية
يبقى أن هذا اللقاء السوري–الإسرائيلي، برعاية أمريكية، يشكل اختبارًا حقيقيًا للدبلوماسية السورية في المرحلة الانتقالية، التي يقودها الرئيس أحمد الشرع. فالتحول من المواجهة إلى التفاوض، خاصة مع طرف كانت العلاقات معه مجمدة منذ عقود، ليس مجرد تغيير في اللهجة، بل قد يكون مؤشرًا على استعداد سياسي للانخراط في تسويات معقدة، قد تُعيد رسم ملامح المنطقة في المرحلة القادمة.


ورغم أن التفاصيل الكاملة حول ما جرى في باريس لم تُعلن بعد، فإن مجرد انعقاد الاجتماع بهذا الشكل العلني، وفي هذا التوقيت الحرج، يعكس تحوّلًا لافتًا في نهج الانخراط السوري الإقليمي والدولي.


في الختام، يبدو أن الجنوب السوري، وتحديدًا محافظة السويداء، بات ساحة مركزية لتحولات سياسية غير متوقعة. فهل تقود هذه المبادرات إلى هدنة دائمة؟ أم أن الانقسامات الداخلية والضغوط الإقليمية ستعيد الأمور إلى المربع الأول؟ الأيام القادمة كفيلة بالكشف عن الإجابات.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 7