في تصعيد لافت للسياسة الاستيطانية الإسرائيلية، أفادت مصادر إعلامية اليوم بمحاولة مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين التسلل إلى الأراضي السورية في منطقة الجولان المحتل، بهدف إقامة مستوطنة جديدة تحت اسم "نافيه هبشان". وقد عبر المستوطنون الحدود بشكل غير قانوني، حاملين معهم لافتة تحمل شعار "إسرائيل الكبرى"، ما يشير إلى نواياهم التوسعية في المنطقة. إلا أن الجيش الإسرائيلي تدخل سريعًا وأعادهم إلى داخل الأراضي المحتلة دون أن يتمكنوا من تنفيذ مخططهم.
تأتي هذه المحاولة في وقت حساس، حيث كانت إسرائيل قد أعلنت في وقت سابق عن انهيار اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974 مع سوريا، بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد. وقد تبع ذلك توغلات إسرائيلية في المنطقة الحدودية العازلة، ما أثار قلقًا دوليًا بشأن نوايا إسرائيل في توسيع سيطرتها على مرتفعات الجولان.
نشاط حركة "عوري تسافون" في لبنان
في السياق نفسه، أظهرت تقارير إعلامية أن حركة "عوري تسافون" (أيقظوا الشمال) الاستيطانية قد بدأت في تنفيذ مشاريع استيطانية في جنوب لبنان، حيث قامت مجموعة من المستوطنين بنصب خيام وزراعة أشجار أرز في منطقة مارون الراس، مدعين أن المنطقة كانت "أرضًا عبرية قديمة". هذه التحركات تأتي في إطار سعي الحركة لتوسيع حدود "إسرائيل الكبرى" وفقًا لرؤيتها التوسعية.
تثير هذه التحركات الإسرائيلية في الجولان وجنوب لبنان تساؤلات حول مستقبل المنطقة، في ظل غياب استجابة فعّالة من المجتمع الدولي تجاه هذه الانتهاكات المستمرة. وتبقى المخاوف من تصعيد عسكري محتمل مرتفعة، خاصة في مناطق التماس الحدودي.
التحركات الأخيرة للمستوطنين الإسرائيليين تؤكد استمرار سياسة التوسع الاستيطاني والتحدي للاتفاقيات الدولية، ما يضع المنطقة على حافة توترات جديدة، ويزيد من صعوبة تحقيق أي تسوية سلمية شاملة في الشرق الأوسط.
الجولان السوري وفض الاشتباك
مرتفعــات الجولان، منطقة استراتيجية على الحدود السورية الإسرائيلية، خضعت لاحتلال إسرائيلي منذ حرب يونيو 1967. بعد حرب أكتوبر 1973، وقعت اتفاقية فض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا في 31 مايو 1974، برعاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة، لتثبيت وقف إطلاق النار وتنظيم خطوط التماس.
أبرز بنود الاتفاقية:
وقف دائم لإطلاق النار بين الطرفين على طول مرتفعات الجولان.
إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح، تحت إشراف الأمم المتحدة.
منع إعادة الانتشار العسكري أو إنشاء مستوطنات جديدة داخل منطقة فض الاشتباك.
مراقبة دولية لضمان الالتزام بالاتفاقية، عبر نشر قوات مراقبة ومراقبين دوليين.
الاتفاقية شكلت ضمانًا لاستقرار المنطقة على مدى عقود، لكنها لم تمنع توترات متقطعة أو عمليات عسكرية محدودة، خصوصًا مع تصاعد نفوذ إسرائيل العسكري والسياسي في المنطقة.
بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، شهدت مرتفعات الجولان توسعات إسرائيلية متزايدة:
إنشاء مستوطنات جديدة في مناطق استراتيجية.
توغل القوات الإسرائيلية في مناطق متاخمة للحدود السورية، ما أدى إلى تصاعد القلق الدولي.
استخدام شعارات توسعية مثل "إسرائيل الكبرى" للإشارة إلى طموحات توسيع السيطرة.
الحدث الأخير المتمثل في محاولة المستوطنين إقامة مستوطنة "نافيه هبشان" في جنوب سوريا يأتي ضمن هذا السياق، ويعكس استمرار سياسات التوسع الاستيطاني رغم الاتفاقيات الدولية.
جنوب لبنان وحركة "عوري تسافون"
إلى جانب الجولان، تتوسع إسرائيل سياسيًا وعسكريًا عبر حركات استيطانية مثل "عوري تسافون"، التي تسعى لإقامة مشاريع استيطانية في جنوب لبنان، خاصة في مناطق مثل مارون الراس.
تشمل التحركات نصب خيام وزراعة أشجار أرز تحت شعار الأراضي "العبرية القديمة".
تهدف الحركة إلى تعزيز نفوذ إسرائيل في جنوب لبنان وتوسيع ما يسمى بـ "إسرائيل الكبرى"، في تحدٍ واضح للسيادة اللبنانية.
الانتهاكات الإسرائيلية في الجولان وجنوب لبنان تزيد من توترات الحدود، وتضع المجتمع الدولي أمام تحديات مراقبة ومواجهة سياسة التوسع.
تحركات المستوطنين تأتي في وقت حساس سياسيًا، مع هشاشة النظام السوري ومشهد أمني مضطرب في جنوب لبنان.
غياب ردود فعل دولية قوية يتيح لإسرائيل الاستمرار في مخططاتها الاستيطانية، ما يعقد فرص التسوية السلمية في المنطقة.
الاستيطان الإسرائيلي في سوريا ولبنان ليس مجرد توغل جغرافي، بل هو جزء من استراتيجية أوسع لتوسيع النفوذ الإقليمي والسيطرة على الحدود الاستراتيجية. أحداث اليوم تكشف عن تصميم إسرائيل على تجاوز الاتفاقيات الدولية وإعادة رسم الحدود وفق رؤيتها، ما يضع المنطقة على أعتاب تصعيد محتمل يصعب التحكم فيه.