ملفات ساخنة تلاحق السلاح الفلسطيني في لبنان

2025.08.19 - 12:23
Facebook Share
طباعة

 وصل ياسر عباس، نجل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إلى بيروت في زيارة رسمية تثير العديد من التساؤلات حول أهدافها الحقيقية، وسط حديث متزايد عن جهود جديدة تُبذل لضبط السلاح الفلسطيني داخل المخيمات في لبنان. الزيارة، التي رافقه خلالها مسؤولون من منظمة التحرير، جاءت في وقت تشهد فيه الساحة اللبنانية تحركات سياسية وأمنية معقدة، تضع ملف السلاح الفلسطيني في دائرة الضوء.


بحسب مصادر متعددة، لا تقتصر أهداف زيارة عباس الابن على المسائل الإدارية المتعلقة بممتلكات منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، بل تتجاوز ذلك إلى بحث سبل تنفيذ خطة لسحب السلاح من مناطق محددة في الجنوب اللبناني، لا سيما من المخيمات الواقعة جنوب نهر الليطاني. هذه الخطوة تأتي بعد محاولات سابقة لم تُنجز بشكل كامل، رغم إعلانها رسميًا خلال زيارة والده إلى بيروت في منتصف يونيو الماضي.


وتشير المعطيات إلى أن الحكومة اللبنانية تمارس ضغطًا متزايدًا على الفصائل المسلحة داخل البلاد، في إطار سياساتها الجديدة التي تستهدف نزع السلاح من جميع المجموعات غير الرسمية، بما فيها المخيمات الفلسطينية. وهذا ما يجعل ملف السلاح الفلسطيني عرضة لتوترات سياسية كبيرة، خاصة في ظل محاولات بعض الأطراف الإقليمية لاستغلال هذه القضية كورقة ضغط على حزب الله، الذي يعد لاعبًا رئيسيًا في المشهد اللبناني.


في هذا السياق، تشير تقارير إلى أن السعودية تلعب دورًا مهمًا في هذا الملف، حيث تسعى من خلال دعمها للحكومة اللبنانية إلى فرض إجراءات أكثر صرامة تجاه الفصائل الفلسطينية المسلحة، خصوصًا في مناطق مثل الرشيدية، البرج الشمالي، والبص، مع خطوات رمزية تستهدف مخيم مار إلياس في بيروت. إضافة إلى ذلك، تتضمن الخطة السعودية فرض قيود على حركة حماس داخل لبنان، بما في ذلك إغلاق مكاتبها ومنع نشاطاتها السياسية.


من جهة أخرى، شهدت الساحة الفلسطينية في لبنان تحركات أمنية جديدة، تمثلت بعودة لجنة أمنية تابعة لسلطة رام الله برئاسة اللواء العبد إبراهيم خليل، والتي تعمل على تهدئة الخلافات الداخلية داخل حركة فتح، لكنها في الوقت ذاته تلعب دورًا في التنسيق مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية لتفعيل خطة نزع السلاح. هذه التحركات أثارت قلق بعض الجهات التي ترى في الملف الفلسطيني في لبنان ساحة حساسة لا يجب العبث بها، خاصة في ظل تداخلات إقليمية معقدة.


كما كشفت مصادر فلسطينية أن التوتر لا يقتصر على الفصائل فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى مستوى انتشار السلاح داخل المخيمات، حيث تشكو قيادة المخيمات من وجود سلاح بكثافة بين أفراد تابعين للسلطة الفلسطينية، الأمر الذي يسبب حالة من الفوضى ويُبعد المساعي الرامية للتهدئة والاستقرار.


في موازاة هذه التطورات، من المتوقع أن يعقد ياسر عباس لقاءات مغلقة مع مسؤولين لبنانيين رفيعي المستوى، من بينهم رئيس الحكومة، بهدف تقديم مقترحات وآليات جديدة لضبط السلاح الفلسطيني والتعاون مع السلطات اللبنانية في تنظيم أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، لا سيما في مناطق الجنوب اللبناني.


ولم تكن زيارة عباس الابن الوحيدة على صعيد التحركات الفلسطينية، إذ شهدت الفترة الأخيرة نشاطات أمنية متعددة، منها تقييم تشكيلات الأجهزة الأمنية الفلسطينية داخل لبنان، بهدف إعادة هيكلة قيادة حركة فتح بما يتوافق مع توجهات السلطة الفلسطينية في رام الله، خصوصًا في ظل انقسامات داخلية متزايدة.


في المقابل، عبّر عدد من قادة حركة فتح في لبنان عن استيائهم من هذه التحركات، معتبرين أنها تهمشهم وتُبعدهم عن مراكز اتخاذ القرار، ما يزيد من الفجوة بين السلطة الفلسطينية وممثلّي الفلسطينيين على الأرض في لبنان.


يبقى ملف السلاح الفلسطيني في لبنان أحد أكثر الملفات تعقيدًا، يتقاطع فيه الأمن مع السياسة والإقليم، وسط حالة من التوتر المستمر التي قد تشهد تصاعدًا في الفترة المقبلة، في ظل التدخلات الخارجية والمحاولات المتعددة للسيطرة على مآلات القضية الفلسطينية داخل المخيمات.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 5