في وقت تتسارع فيه الجهود الإقليمية والدولية لوقف نزيف الدم في غزة، يجد الوسطاء المصريون والقطريون أنفسهم أمام لحظة اختبار جديدة مع حركة حماس، التي أصبح قرارها حاسماً لمصير الجولة الحالية من الحرب ومسار المشهد الفلسطيني برمته.
وبحسب مصادر فلسطينية، فإن حماس كانت قد طلبت مهلة للتشاور بشأن المقترح المصري للتهدئة قبل أن تبلغ اليوم الاثنين الوسطاء القطريين والمصريين موافقتها على الطرح الأخير.
وقال مصدر في الحركة لقناة الجزيرة: "أبلغنا الوسطاء بالموافقة على مقترحهم الذي قدم بالأمس" وفي السياق ذاته، نقلت وكالة "أكسيوس" عن مصدر دبلوماسي أن وفد الحركة قدم رده المحدث بشأن صفقة الرهائن إلى رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال اجتماع عُقد في مصر، حيث تولى كبير مفاوضي حماس خليل الحية تسليم الرد رسمياً.
المقترح المصري الأخير، المدعوم بجهود قطرية، يستند بشكل أساسي إلى خطة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، والتي تتضمن هدنة مؤقتة تمتد لستين يوماً مع إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين على دفعتين هذه الصيغة تمثل محاولة لإيجاد مخرج متوازن يرضي الأطراف ويتيح فرصة لالتقاط الأنفاس في القطاع الذي يعاني من كارثة إنسانية متفاقمة.
إسرائيل من جانبها ما تزال متمسكة بمطالبها التي تراوحت منذ بداية الحرب بين الكشف عن أوضاع الرهائن وإطلاق سراحهم، مروراً بضمان إدخال المساعدات الإنسانية تحت إشراف مباشر، وصولاً إلى إصرارها على دور أكبر للصليب الأحمر الدولي في متابعة الملف الإنساني، الحكومة الإسرائيلية تواجه ضغوطاً داخلية متزايدة من عائلات الأسرى والمعارضة التي ترى أن الحرب طالت دون تحقيق مكاسب حاسمة.
أما على الصعيد الفلسطيني الداخلي، فإن موافقة حماس تحمل أبعاداً أوسع من مجرد قبول هدنة مؤقتة.
الحركة تدرك أن أي اتفاق يترتب عليه التزامات قد يؤثر على رصيدها السياسي والشعبي، وقد يفتح الباب أمام إعادة ترتيب البيت الفلسطيني أو إدخال أطراف جديدة في معادلة الحكم في غزة، ردها المحدث يعكس محاولة للموازنة بين متطلبات الميدان وضغوط التفاوض مع ترك هامش للمناورة في المراحل المقبلة.
الوسطاء المصريون والقطريون بدورهم يسابقون الزمن لتثبيت هذا التفاهم، خاصة أن أي انتكاسة قد تعيد المشهد إلى دائرة التصعيد نجاح الصفقة الحالية سيعزز مكانة القاهرة والدوحة كقوى إقليمية قادرة على إدارة ملفات معقدة تتجاوز البعد المحلي إلى التوازنات الدولية.
الساعات المقبلة حاسمة لوقف إطلاق النار ورسم ملامح المرحلة التالية في غزة الهدنة قد تفتح نافذة لإنعاش الجهود السياسية، واستمرار المواجهات يحمل أثماناً إنسانية كبيرة، ويبقى تنفيذ موافقة حماس مرتبطاً بمدى التزام الأطراف ببنود الاتفاق.