تصاعدت حملة القمع والانتهاكات في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" شمال شرقي سوريا، عقب هجوم مسلح استهدف أحد حواجزها في ريف القامشلي الجنوبي. الهجوم أسفر عن مقتل عنصر وإصابة آخر، لكن الرد العسكري من قسد سرعان ما كان شديداً، حيث شنت حملات دهم واعتقالات واسعة شملت القرى والبلدات المحيطة، مع نشر تعزيزات وحواجز أمنية على مداخل المدن الرئيسية مثل القامشلي وذبانة.
الحملات الأمنية لم تقتصر على القامشلي، بل شملت أيضاً ريف دير الزور وبلدة غرانيج، حيث طالت الاعتقالات عشرات الأشخاص، مع تقارير عن تخريب المنازل وحرق ممتلكات، وسط حصار تام على البلدتين ومنع الدخول والخروج. في كثير من الحالات، بررت قسد تلك العمليات بملاحقة خلايا تنظيم الدولة، بينما يؤكد ناشطون محليون أن الحملات استهدفت معارضين سياسيين ومدنيين لمجرد التعبير عن آرائهم، في نمط متكرر يثير قلق المجتمع المحلي.
ما يزيد القلق هو التقارير عن التعذيب والموت في المعتقلات. فقد توفى شاب بعد ساعات من اعتقاله على حاجز أبو راسين، في حادثة صدمت الأهالي بسبب وحشية الاعتقال وسوء المعاملة، وهو ما يعكس حالة الإفلات من العقاب في مراكز الاحتجاز التابعة لقسد. الشبكات الحقوقية وثقت عشرات حالات الاحتجاز التعسفي، بما في ذلك اعتقال أطفال ومدنيين، مع استمرار عمليات الاعتقال الجماعي تحت ذرائع أمنية.
استراتيجية قسد في الرد على الهجمات المسلحة مبنية على التحكم بالقوة والخوف، أكثر من كونها وسيلة لتحقيق الأمن. الحملات المتكررة والتوسع في الاعتقالات تثير شعوراً عاماً بعدم الأمان وتضعف الثقة بمؤسساتها الأمنية. كما أن ربط كل عمليات الاحتجاز بملاحقة تنظيم الدولة يعطيها غطاء قانونياً ظاهرياً، لكنه يغطي في الحقيقة على انتهاكات حقوق الإنسان والتضييق على الحريات المدنية.
الآثار الاجتماعية لهذه السياسة بدأت تظهر جلياً؛ السكان يعبرون عن شعورهم بالخوف من التعبير عن آرائهم أو مقاومة الانتهاكات، ومتاجر وأعمال أهل المنطقة تتأثر سلباً بسبب مخاوف من الاعتقال أو التعرض للعنف. التباين بين الإجراءات الأمنية المعلنة والنتائج الفعلية على الأرض يظهر فجوة واضحة في إدارة الأمن، ويبرز السؤال حول فعالية هذه القوات في حماية المدنيين بدلاً من استهدافهم.