أعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء في 13 آب/أغسطس 2025 عن قرار يقضي بإعادة تشكيل اللجنة الاقتصادية، لتُدار هذه المرة برئاسة عديل الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، مع ضم عدد من الشخصيات البارزة، بينهم مشايخ كانوا مرتبطين سابقًا بـ"هيئة تحرير الشام".
خلفيات التشكيل
اللجنة الاقتصادية تُعد واحدة من أهم الهياكل الحكومية المسؤولة عن صياغة القرار الاقتصادي، إذ تشرف على ملفات رئيسية مثل الموازنة العامة، السياسات التجارية والاستثمارية، ودعم القطاعات الإنتاجية. عادةً ما يُنظر إلى تركيبة اللجنة باعتبارها مرآة للتوجهات الاقتصادية والسياسية للدولة.
لكن إعادة التشكيل الأخيرة أثارت تساؤلات عديدة، خاصة أن بعض الأعضاء الجدد سبق أن تولوا حقائب وزارية في الحكومة الأولى عقب التغيير السياسي، ثم عُيّنوا معاونين للوزراء. هذا المسار جعل منتقدين يعتبرون أن وجودهم على رأس اللجنة يضعف موقع الوزراء الحاليين ويجعلهم أقرب إلى منفذين لتوجهات شخصيات نافذة، بدلاً من أن يكونوا أصحاب قرار مستقل.
انتقادات وردود فعل
القرار أثار موجة انتقادات في الأوساط الاقتصادية والإدارية. بعض الآراء رأت أن التشكيل الجديد قد يعيد إنتاج أنماط "التحكم الشخصي" التي كانت سائدة في مراحل سابقة، حيث تُدار المؤسسات بقرارات فردية على حساب العمل المؤسسي المنظم. في المقابل، هناك من يرى أن وجود شخصيات ذات ثقل سياسي أو اجتماعي قد يمنح اللجنة قدرة أكبر على فرض قراراتها وتنفيذها بشكل أسرع.
المخاوف لم تتوقف عند الجانب الإداري، بل امتدت إلى الطابع السياسي والديني لبعض الأعضاء. فجزء من الانتقادات ركّز على احتمال تراجع الاعتماد على الكفاءات الاقتصادية والإدارية لصالح شخصيات محسوبة على تيارات أو خلفيات معينة، وهو ما قد ينعكس على فعالية القرارات الاقتصادية في المستقبل.
مقارنة بالتركيبة السابقة
يجدر التذكير أن اللجنة الاقتصادية أعيد تشكيلها في تشرين الأول/أكتوبر 2024 برئاسة وزير الصناعة، وضمّت وزراء الاقتصاد والمالية والزراعة وآخرين، استنادًا إلى المرسوم رقم /39/ لعام 2014 وتعديلاته. تلك التركيبة عُدّت آنذاك أكثر تقليدية، إذ اقتصرت على وزراء القطاعات ذات العلاقة المباشرة بالاقتصاد. أما التشكيل الحالي، فيبدو أنه يتجاوز البعد التنفيذي المباشر نحو إشراك شخصيات ذات نفوذ سياسي واجتماعي.
مؤشرات أوسع
إعادة تشكيل اللجنة الاقتصادية لا يمكن قراءتها بمعزل عن السياق السياسي الأوسع. فإسناد رئاستها لعديل الرئيس، إلى جانب إدخال شخصيات ذات خلفيات غير اقتصادية، قد يشير إلى محاولة توسيع دائرة النفوذ داخل مؤسسات الدولة وضمان ولاءات متقاطعة بين السياسي والديني والاقتصادي.
هذا التوجه قد يُترجم بطريقتين: الأولى تعزيز الانسجام الداخلي للحكم عبر ربط القرار الاقتصادي بمراكز قوة اجتماعية وسياسية. والثانية تقليص مساحة الاستقلالية الإدارية، بما يجعل المؤسسات التنفيذية تعمل في إطار توجهات محددة مسبقًا من قبل شخصيات نافذة.
على المدى البعيد، ستُقاس فعالية اللجنة بقدرتها على تقديم حلول للأزمات الاقتصادية المتفاقمة، مثل التضخم، البطالة، وضعف الاستثمارات. فإذا تمكنت من تحقيق نتائج ملموسة، فقد تُكسب التشكيلة الجديدة شرعية شعبية، حتى مع كل الجدل الدائر حولها. أما إذا فشلت، فسوف تعزز المخاوف من أن القرار لم يكن سوى خطوة لإعادة توزيع النفوذ داخل الدولة، بعيدًا عن الاعتبارات الاقتصادية.