العلاقات السورية-اللبنانية: مفترق طرق بين الماضي والمستقبل

-وكالة أنباء آسيا

2025.08.18 - 09:57
Facebook Share
طباعة

تتأرجح العلاقات بين سوريا ولبنان على حبل رفيع من التوتر، رغم عقود من التاريخ المشترك والتداخل الجغرافي والثقافي. هذه العلاقة المعقدة، التي لم تخلُ يومًا من الصراعات السياسية، تشهد اليوم تحولات كبرى على خلفية تغيرات داخلية في البلدين.

ومع وجود خلافات مفتوحة حول الحدود، ملف المعتقلين، والوجود السوري في لبنان، يبدو أن الطريق نحو تطبيع كامل لا يزال محفوفًا بالمطبات.

 

تحولات سياسية مفصلية
شهدت المنطقة تغيرات جوهرية في أواخر عام 2024، مع الإطاحة بنظام بشار الأسد في دمشق وتولي أحمد الشرع رئاسة الحكومة الانتقالية في سوريا. هذا التحول فتح الباب أمام إعادة تقييم شامل للعلاقات مع الدول المجاورة.

 

وفي لبنان، أدت الحرب الأخيرة مع إسرائيل إلى تعزيز دور حزب الله، مما أثر بشكل كبير على المشهد السياسي الداخلي وأسفر عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة نواف سلام. هذه التغيرات المتبادلة في القيادة أحدثت ديناميكية جديدة للعلاقات الثنائية.


ملفات ساخنة: تعاون وتحديات
التعاون الأمني والحدودي
في خطوة إيجابية نحو حل القضايا العالقة، وقع وزيرا الدفاع اللبناني والسوري اتفاقًا تمهيديًا في مارس 2025 بجدة، بشأن ترسيم الحدود وتعزيز التنسيق الأمني. يهدف هذا الاتفاق إلى معالجة تهريب الأفراد والسلع والسلاح عبر الحدود، والتي تمتد على مسافة 375 كيلومترًا وتضم العديد من المعابر غير الرسمية.

 

قضية اللاجئين والمعتقلين
على الرغم من التقدم في بعض الملفات، تظل هناك تحديات كبرى:
* ملف اللاجئين: يشكل وجود حوالي 800,000 لاجئ سوري في لبنان ضغطًا هائلاً على البنية التحتية والخدمات العامة. وفي زيارة رسمية إلى دمشق في أبريل 2025، ناقش رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام مع الرئيس السوري أحمد الشرع ملف اللاجئين، مؤكدين على أهمية إيجاد حلول دائمة لعودتهم.


* قضية المعتقلين: تعتبر قضية أكثر من 700 لبناني يُعتقد أنهم محتجزون في السجون السورية منذ الحرب الأهلية اللبنانية، من القضايا الإنسانية الحساسة التي تتطلب معالجة فورية.


تاريخ من النفوذ والصراع
تاريخيًا، كانت العلاقة بين سوريا ولبنان علاقة امتزاج اقتصادي واجتماعي وثقافي. لكن بعد الاستقلال، ظهرت خطوط التوتر، حيث سعت دمشق للحفاظ على نفوذها الاستراتيجي، بينما سعى لبنان لتأكيد استقلاله. خلال الحرب الأهلية اللبنانية، أصبح التدخل السوري واسعًا ومباشرًا، وفرض نفوذًا سياسيًا قويًا استمر حتى انسحاب الجيش السوري عام 2005.


بعد الانسحاب، استمرت دمشق في التأثير على المشهد السياسي اللبناني عبر حلفائها، بينما حاول لبنان تحقيق توازن دقيق بين علاقاته مع سوريا وتجنب الانخراط في الصراعات الإقليمية.

 

المستقبل: بين التفاؤل والحذر
من المرجح أن تشهد العلاقات السورية-اللبنانية تحسنًا تدريجيًا واستقرارًا خلال العامين المقبلين، خاصة مع تكثيف التنسيق الأمني في مناطق مثل البقاع والهرمل. كما يمكن لإعادة فتح المعابر الحدودية أن تعزز التبادل التجاري وتساعد على إنعاش الاقتصاد اللبناني.


ومع ذلك، تظل المخاطر قائمة. أي تصعيد إقليمي أو تدخل دولي قد يعرقل هذه الديناميكية. كما أن الخلافات حول ملف المعتقلين والأمن الداخلي ستظل عائقًا أمام تطبيع كامل. فالعلاقات بين دمشق وبيروت ليست مجرد علاقة ثنائية، بل هي مرآة لموازين القوى الإقليمية والدولية.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 4