أطلق ناشطون فلسطينيون في مدينة غزة دعوات جماهيرية للمشاركة في مسيرة سلمية، مقررة يوم غد الاثنين، رفضاً لمحاولات الاحتلال الإسرائيلي تهجير السكان قسراً في إطار خطة إعادة احتلال القطاع بالكامل، تأتي هذه الدعوات بعد إعلان الحكومة الإسرائيلية عن خطة متدرجة تبدأ من مدينة غزة نفسها، في خطوة أثارت مخاوف كبيرة على مصير المدنيين وحقوقهم الإنسانية.
البيان الصادر عن ناشطي المدينة شدد على أن الفلسطينيين هم "أصحاب الأرض الشرعيون"، وأن أي محاولات لاقتلاعهم من مناطقهم الآمنة تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وحقوق الإنسان، وأكد البيان أن المشاركين في المسيرة يعبرون عن رغبتهم في حماية أنفسهم وعائلاتهم وأجيالهم القادمة، معتبرين الأرض الفلسطينية "حضناً دافئاً وملاذاً وحيداً" لا يمكن التنازل عنه تحت أي ظرف.
تأتي هذه المسيرة في وقت تشهد فيه غزة تصعيداً عسكرياً كبيراً، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي تنفيذ خطط "الكابينت" في 8 أغسطس/آب الجاري، مستهدفاً السيطرة على مناطق واسعة تدريجياً، وفي 11 من الشهر ذاته، شن الجيش هجوماً واسعاً على حي الزيتون جنوب شرقي المدينة، شمل نسف منازل باستخدام روبوتات مفخخة، قصفاً مدفعياً، وإطلاق نار عشوائي، ما أدى إلى تهجير قسري لسكان الحي وفق شهود عيان هذه العمليات أثارت استنكاراً محلياً ودولياً، إذ تعتبر انتهاكاً صارخاً للأعراف الإنسانية الدولية.
كما دعا البيان المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والإنسانية، والعمل بشكل عاجل لوقف ما وصفها بـ"الجريمة المرتكبة بحق أهالي غزة" وأكد على أن أي عملية تهجير ستكون شاملة ولن تستثني أحداً، معتبراً أن السكوت أو التهاون سيكون بمثابة تواطؤ مع هذه الانتهاكات.
مسلطاً الضوء أيضاً على دور الإعلام، داعياً وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية لتغطية الوضع بشكل حقيقي، ونقل معاناة السكان، مشدداً على أهمية تحرك الوفد المفاوض الفلسطيني بشكل عاجل للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قبل أن تتفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع.
المشهد الراهن يظهر قوة الضغط الشعبي الفلسطيني، إذ أن المقاومة المدنية والسلمية تلعب دوراً مهماً في مواجهة محاولات الاحتلال للتهجير القسري، كما تكشف عن قدرة المجتمع المدني على التعبير عن رفضه للسياسات الإسرائيلية رغم الظروف الميدانية الصعبة.
تحركات المدنيين، مثل هذه المسيرة، تحمل رسائل سياسية ودبلوماسية مهمة، إذ يمكن أن تؤثر على القرارات الدولية بشأن التدخل الإنساني أو الضغط على الاحتلال لوقف انتهاكاته كما تسلط الضوء على هشاشة الوضع الأمني والمعيشي في القطاع، حيث يعيش السكان في خوف دائم من التهجير العشوائي وفقدان منازلهم وممتلكاتهم.
غزة تقف اليوم أمام اختبار صعب، يجمع بين الدفاع عن الأرض، حماية المدنيين، والمطالبة بالحقوق الإنسانية المشروعة، في مواجهة خطة الاحتلال التي تهدف إلى تغيير الواقع الديمغرافي والسيطرة على كامل القطاع، ما يجعل أي تحرك شعبي وسيلة ضرورية لإيصال الرسالة إلى العالم بأن الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن أرضه أو حقوقه تحت أي ظرف.