في تصعيد جديد يهدد أمن المدنيين في الجنوب السوري، استهدف هجوم مسلح سيارة مدنية قرب بلدة كحيل بريف درعا الشرقي، في أثناء توجهها من السويداء إلى دمشق عبر الطريق المعروف بـ"المعبر الإنساني" في بصرى الشام. أسفر الهجوم عن إصابة أربعة أشخاص بينهم أطفال، إضافة إلى سائق حافلة كانت تمر في اللحظة ذاتها.
الحادثة وقعت على مقربة من حاجز يتبع للأمن العام، لا يبعد سوى ثلاثة كيلومترات عن موقع الاستهداف، ما يثير تساؤلات حول قدرة النقاط الأمنية المحدودة على حماية الطريق الطويل، خاصة أنه يعتمد بشكل شبه كامل على حاجز واحد عند مفرق المسيفرة.
سلسلة من الهجمات المتكررة
لم يكن هذا الاعتداء معزولًا، بل جاء ضمن سلسلة من الهجمات التي تضرب المنطقة منذ منتصف تموز الماضي. ففي 15 آب، قتلت ندى محمد عامر إثر إطلاق نار استهدف السيارة التي كانت تقلها مع ركاب آخرين في المكان نفسه تقريبًا. وقبلها بأيام، تعرضت قوافل إغاثية لهجمات متكررة، شملت قافلة تابعة للهلال الأحمر السوري، وأخرى كانت تحمل مساعدات من جرمانا إلى السويداء، وانتهت باختطاف عدد من العاملين الإغاثيين.
هذه الاعتداءات، التي تطال مدنيين وعاملين إنسانيين على حد سواء، تعكس هشاشة الوضع الأمني على خط السويداء – دمشق، وهو الطريق البديل الذي اضطر الأهالي إلى استخدامه بعد إغلاق الطريق الرئيسي إثر مواجهات دامية بين فصائل محلية من جهة وعشائر البدو من جهة أخرى.
خلفيات الأزمة
بدأت الأحداث في السويداء بسلسلة من عمليات الخطف المتبادل بين سكان محليين ومجموعات من حي المقوس الذي تقطنه أغلبية بدوية. تصاعدت التوترات سريعًا إلى اشتباكات مفتوحة، ما استدعى تدخل قوات حكومية. لكن سرعان ما انسحبت هذه القوات بعد تعرض مواقعها في السويداء ودمشق لضربات إسرائيلية، تاركة فراغًا أمنيًا استغلته الفصائل والعشائر لتصفية الحسابات.
النتيجة كانت مزيجًا من التوتر الطائفي والعشائري، مقرونًا بانهيار شبه كامل لسلطة الدولة في المنطقة. وعلى الرغم من إعلان الحكومة متابعة التحقيقات وملاحقة منفذي الهجمات، إلا أن الواقع على الأرض يكشف عجزها عن فرض الأمن أو حماية المدنيين.