ترحيل المدنيين في غزة... حماية أم خطوة نحو تصعيد أكبر؟

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.17 - 05:47
Facebook Share
طباعة

منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قبل قرابة العامين، لم تتوقف التحذيرات الأممية والحقوقية من تدهور الوضع الإنساني، لكن ما أعلن عنه جيش الاحتلال مؤخراً بخصوص نقل السكان المدنيين إلى مناطق جنوبية يثير جدلاً أكبر مما يبدو.
الخطوة التي قُدمت في خطاب رسمي باعتبارها "إجراءً إنسانياً" تحمل أبعاداً عسكرية وسياسية قد تغير مسار الصراع، خصوصاً مع تصاعد القصف على مدينة غزة والمناطق المحيطة بها.

تفاصيل التحرك الإسرائيلي:

المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أعلن أن العملية ستتضمن نصب خيام ومراكز إيواء جنوب القطاع عبر معبر كيرم شالوم، وذلك بالتنسيق مع الأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية.
كما أوضح أن المعدات ستخضع لإجراءات تفتيش مشددة قبل إدخالها. ورغم تقديم الخطوة في إطار "حماية المدنيين"، إلا أن حجم القصف الذي استهدف مناطق مأهولة خلال الساعات نفسها ـ وأسفر عن سقوط نحو 40 قتيلا بينهم أطفال ـ يثير أسئلة جوهرية حول الهدف الحقيقي من هذه الترتيبات.

العقدة الكبرى: مدينة غزة:

إسرائيل تضع مدينة غزة في صميم خططها العسكرية المقبلة، حيث تعتبر السيطرة عليها مسألة استراتيجية، سواء من حيث تقويض قدرات حركة حماس أو تعزيز أوراقها التفاوضية لكن المدينة التي تضم ما يقارب مليون نسمة، تعاني من دمار واسع ونقص حاد في الغذاء والماء والدواء، ما يجعل أي عملية نزوح جديدة أشبه بترحيل قسري أكثر من كونه إجراء وقائي، التقديرات الميدانية تشير إلى أن إسرائيل أصبحت تتحكم في نحو 75% من مساحة القطاع، غير أن اقتحام مدينة غزة يظل خطوة محفوفة بالمخاطر الإنسانية والسياسية.

الموقف الدولي المربك:

الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية عبرت عن قلقها من أن الجنوب لم يعد قادرا على استيعاب المزيد من النازحين. بعض التقارير الأممية وصفت الوضع في القطاع بأنه "على شفا المجاعة"، مع تفاقم أمراض معدية وانهيار النظام الصحي. رغم ذلك، فإن المجتمع الدولي لم ينجح حتى الآن في فرض هدنة أو وقف لإطلاق النار، وسط تباينات في مواقف القوى الكبرى وضغوط داخلية على الحكومات المعنية بالملف.

الرسائل السياسية لنتنياهو:

سياسياً، يسعى بنيامين نتنياهو لتوظيف خطة "ترحيل المدنيين" كدليل على أن إسرائيل تراعي الأبعاد الإنسانية في حربها، في محاولة لامتصاص الضغوط الدولية. داخلياً، يراهن على أن السيطرة على غزة ستُقدم للشارع الإسرائيلي كإنجاز يبرر استمرار العمليات رغم كلفتها العسكرية. لكن ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وتدهور الوضع الإنساني، يضعف هذه السردية ويعزز اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة.

سيناريوهات مقبلة:

المشهد في غزة يتجه إلى أحد خيارين: تصعيد عسكري شامل يقوده الجيش الإسرائيلي نحو اقتحام مدينة غزة مع ما يحمله ذلك من موجات نزوح أكبر وكارثة إنسانية غير مسبوقة، أو انفتاح محدود على مسار تفاوضي قد يوقف العمليات مؤقتًا مقابل تفاهمات ميدانية. وفي كلا الحالين، يظل المدنيون هم الحلقة الأضعف، بين قصف متواصل من جهة، ومخيمات نزوح مكتظة وغير مجهزة من جهة أخرى.

الحديث عن "حماية المدنيين" في ظل القصف المستمر يبدو أقرب إلى واجهة سياسية تستهدف تحسين صورة العمليات العسكرية، فيما الحقيقة على الأرض تكشف عن معاناة إنسانية متفاقمة قد تدفع القطاع إلى نقطة الانهيار الكامل. 

x.com/AvichayAdraee/status/1956756287913426999

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 7