وسط صمت دولي وغياب أي تحرك عاجل، يواصل الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة حصد أرواح الأبرياء، إذ أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم السبت، عن تسجيل 11 حالة وفاة جديدة خلال 24 ساعة، بينهم طفل صغير، نتيجة سوء التغذية الحاد والمجاعة المستفحلة.
وبذلك يرتفع عدد ضحايا التجويع في القطاع إلى 251 وفاة، من بينهم 108 أطفال، في مؤشر خطير يعكس تدهور الوضع الإنساني في غزة بشكل غير مسبوق. وأكدت الوزارة في بيانها أن الأزمة الصحية والغذائية تتفاقم مع كل ساعة، داعية المجتمع الدولي ومؤسسات الإغاثة إلى التدخل الفوري لإنقاذ حياة المدنيين.
ومنذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، يفرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا مشددًا على القطاع، شمل إغلاق المعابر ومنع دخول الغذاء والدواء والوقود، ما أدى إلى تدهور شامل في الخدمات الأساسية، وزيادة حالات سوء التغذية بين السكان، خصوصًا الأطفال وكبار السن.
تشير بيانات منظمات دولية إلى أن أكثر من 100 طفل توفوا منذ بداية الحرب نتيجة نقص الغذاء، فيما يعاني نحو مليون طفل من الجوع والحرمان من الغذاء الصحي، في ظل انقطاع شبه كامل للمساعدات الإنسانية. وتشهد المستشفيات نقصًا حادًا في الأدوية والمستلزمات الطبية، ما يجعل كل إصابة أو مرض بسيط مسألة حياة أو موت.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن الوضع الصحي في غزة أصبح يهدد حياة الجميع، مشددة على ضرورة تدخل المجتمع الدولي بشكل عاجل. من جانبها، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن نسبة الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة، مع تدهور الحالة الصحية للحوامل والمرضعات، مشيرة إلى أن 90% من الأطفال والنساء في جميع أنحاء القطاع يواجهون فقرًا غذائيًا حادًا.
شهادات من أرض الواقع
في مستشفى "ناصر" بخان يونس، توفي الطفل جمال النجار (5 سنوات) بسبب سوء التغذية الشديد، فيما ترقد الطفلة مريم عبد العزيز دواس (9 أعوام) على سرير في مركز إيواء بمدينة غزة، وقد برزت عظامها نتيجة الجوع، ما يعكس مدى تفاقم الأزمة. الطواقم الطبية تؤكد أن الأعداد مرشحة للارتفاع مع استمرار الحصار ومنع وصول الإمدادات الأساسية.
مع استمرار الحصار ونقص الإمدادات الغذائية والطبية، تشير كل المعطيات إلى أن قطاع غزة مقبل على تصاعد غير مسبوق في معدلات الوفيات الناتجة عن سوء التغذية والمجاعة. التحليلات الميدانية الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان والصحة تشير إلى أن الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات هم الفئة الأكثر تضررًا، مع توقعات بارتفاع عدد الوفيات في الأسابيع المقبلة إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
في ظل هذه الكارثة الإنسانية، يبقى السؤال قائمًا: هل سيتوقف المجتمع الدولي عند البيانات والشجب، أم سيتحرك فعليًا لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة في غزة؟ وفي الوقت الذي تتزايد فيه أعداد الضحايا يوميًا، يبقى القطاع على حافة مأساة غير مسبوقة، مع ما تحمله من تبعات إنسانية وسياسية طويلة الأمد.