غزة على حافة تصعيد وفشل المفاوضات الدبلوماسية

2025.08.16 - 12:12
Facebook Share
طباعة

بين الدمار المستشري في قطاع غزة، ومشهد الأبنية المهدمة والشوارع الخالية من الحياة، تجددت محاولات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وفصائل فلسطينية عدة، لكنها اصطدمت بعقبات جوهرية أعادت المنطقة إلى حافة التصعيد.

على مدى اليومين الماضيين، عقدت فصائل فلسطينية في القاهرة، تشمل حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وتيار الإصلاح الديمقراطي، سلسلة اجتماعات بحثت خلالها سبل تحسين الورقة السابقة التي تتضمن هدنة مؤقتة لمدة 60 يوماً. لكن مصدرًا في الجهاد الإسلامي أوضح أن ما طرح لم يكن صفقة شاملة، ولم يحقق المطالب الأساسية للفصائل، بينما شدد رئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد بارنيا خلال زيارته للدوحة على رفض بلاده أي اتفاق لا يشمل إطلاق جميع الأسرى الإسرائيليين.

وفيما رفضت إسرائيل قبول هدنة إنسانية مؤقتة في القطاع، وافقت حماس عليها، مع التأكيد على أولوية وقف إطلاق النار فورًا وضمان دخول المساعدات الإنسانية دون عوائق. وأكدت الفصائل أن أي اتفاق يجب أن يحقق انسحاب الجيش الإسرائيلي ورفع الحصار عن غزة، قبل التفكير بأي تسوية طويلة الأمد.

وتتوقف المفاوضات غير المباشرة منذ نهاية الشهر الماضي بعد انسحاب الوفد الإسرائيلي من الدوحة، وقرار الولايات المتحدة سحب المفاوضين، معتبرةً أن رد حماس الأخير يشير إلى عدم رغبتها في التوصل إلى وقف إطلاق النار. ومع ذلك، استأنفت القاهرة محاولاتها في الأيام الماضية للضغط على الطرفين من أجل العودة إلى طاولة التفاوض.

ويأتي هذا الجهد الدبلوماسي بينما يواصل الجيش الإسرائيلي تقدمه في القطاع، مسيطرًا على نحو 75% من مساحة غزة المحاصرة، في وقت تتصاعد فيه التنديدات الدولية والأممية، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية متنامية في المدينة التي أصبحت رمزا للدمار والمعاناة.

 

بدأت محاولات التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في يوليو 2025، عبر وساطات دولية وأممية في الدوحة والقاهرة، تركزت على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، مع إدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى قطاع غزة.

ومع ذلك، شهدت المفاوضات عقبات جوهرية منذ بدايتها. ففي 27 يوليو، أعلنت حماس عدم جدوى المفاوضات في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي، معتبرة أن أي اتفاق مؤقت لا يضمن رفع الحصار وانسحاب الجيش من المناطق المحتلة لن يحقق أي نتيجة فعلية على الأرض.

من جانبها، أوعز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بانسحاب الوفد الإسرائيلي من الدوحة، معلنًا أن إسرائيل لن تقبل أي اتفاق جزئي أو هدنة مؤقتة، بل تشترط صفقة شاملة تشمل إطلاق جميع الأسرى الإسرائيليين وضمان شروط أمنية صارمة. تصريحات نتنياهو جاءت لتؤكد موقف إسرائيل الثابت بعدم المساومة على شروطها الأمنية، وإصرارها على السيطرة الكاملة على القطاع قبل أي تسوية.

ردود الفعل الدولية تضمنت تحذيرات من كارثة إنسانية في غزة إذا استمر التقدم العسكري الإسرائيلي، لكن تلك التحذيرات لم تغير من الموقف الإسرائيلي، الذي يسيطر على نحو 75% من مساحة القطاع حتى الآن، في عملية تعتبرها إسرائيل “تحريراً أمنياً” بينما تعتبرها الفصائل الفلسطينية ووسائل إعلام دولية “احتلالاً فعليًا للقطاع المحاصر”.

المفاوضات توقفت عمليًا بعد سحب الولايات المتحدة لمفاوضيها من الدوحة، معتبرة أن رد حماس الأخير يعكس عدم الرغبة في التوصل لاتفاق سريع، ما دفع القاهرة لاستئناف المساعي في الأيام الأخيرة عبر التفاوض غير المباشر، محاولةً منع انفجار أزمة إنسانية أوسع.

الخلاصة، أن المشهد الراهن في غزة يجمع بين احتلال شبه كامل للقطاع، توقف المفاوضات المباشرة، وتعنت إسرائيلي بشأن الشروط الأمنية، مقابل تمسك فلسطيني بشروط رفع الحصار ووقف إطلاق النار، ما يجعل أي اتفاق شامل في المستقبل القريب مرهونًا بتنازلات متبادلة تبدو حتى الآن صعبة التحقيق.


ووسط الدمار المستشري في القطاع المحاصر، تتجه الأنظار نحو السيناريوهات المحتملة في الأيام والأسابيع المقبلة، بعد فشل المفاوضات المباشرة وتوقف المبادرات الدبلوماسية السابقة.

السيناريو الأول: استمرار التصعيد العسكري
مع سيطرة الجيش الإسرائيلي على نحو 75% من مساحة غزة، يظل احتمال توسيع العمليات العسكرية قائمًا، خصوصًا إذا رفضت الفصائل الفلسطينية شروط إسرائيل لإطلاق الأسرى. هذا السيناريو سيؤدي إلى زيادة الخسائر البشرية وتدمير أوسع للبنية التحتية، مع ارتفاع كبير في موجات النزوح الداخلي وخطر كارثة إنسانية متكاملة.

السيناريو الثاني: هدنة مؤقتة تحت ضغط دولي
في حال ضغطت مصر والأمم المتحدة والدول الكبرى على الطرفين، قد يتم التوصل إلى هدنة محددة المدة، تتيح إدخال المساعدات الإنسانية وإيقاف مؤقت لإطلاق النار. لكنها ستكون هشة، لأنها لا تعالج جذور الأزمة، خصوصًا الحصار واشتراطات إسرائيل الأمنية الصارمة، مما يعني إمكانية تجدد التصعيد في أي لحظة.

السيناريو الثالث: صفقة شاملة طويلة الأمد (نادرة الحدوث)
صفقة شاملة تتضمن رفع الحصار، انسحاب جزئي للجيش، وضمان حقوق الأسرى الفلسطينيين، تبدو بعيدة في الأفق الحالي، بسبب تعنت إسرائيل بشأن شروطها الأمنية وتمسك الفصائل بوقف كامل للعمليات العسكرية ورفع الحصار.

ردود الفعل الدولية المحتملة
من المتوقع أن تتصاعد الضغوط الأممية والدولية، بما في ذلك الدعوات إلى حماية المدنيين، إدخال المساعدات الإنسانية، وربما تقديم مبادرات دبلوماسية جديدة للضغط على الطرفين. بعض الدول قد تلجأ إلى فرض عقوبات رمزية على إسرائيل أو دعم المفاوضات عبر وسطاء جدد، في محاولة لكسر الجمود الحالي.


غزة تبقى على مفترق طرق بين كارثة إنسانية محتملة وفشل دبلوماسي متكرر، في وقت تزداد فيه صعوبة أي حل دائم بسبب التعقيدات العسكرية والسياسية. تبقى القدرة على تجنب التصعيد الإنساني مرهونة بالضغط الدولي والوساطات غير المباشرة، مع إمكانية أن تتحول أي خطوة خاطئة إلى موجة تصعيد جديدة تهدد استقرار المنطقة بأسرها.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 7