في تسريب هو الأهم منذ عقود، بثت القناة 12 العبرية تسجيلات للرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلي، أهارون حاليفا، يكشف فيها عن إخفاقات استخباراتية جسيمة قبل هجوم 7 أكتوبر، ويشير إلى خطط سرية لاغتيال قياديين في حركة حماس. حاليفا يصف ما حدث بأنه أكبر من حادث فردي، ويؤكد أن الأزمة تتطلب "تفكيكًا وإعادة تجميع" للأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
ليلة 7 أكتوبر – فشل الاستخبارات
اعترف حاليفا بأن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية كانت تعتمد على تقديرات ناقصة، وأنه لم يتم استدعاؤه إلا مرة واحدة في ليلة الهجوم. وقال:
"كل شيء موثق، الليلة ليست المشكلة، بل الاعتماد على معلومات فردية لا يمكن أن تفسر الوضع بشكل كامل."
الواقعة تكشف أن المعلومات الاستخباراتية كانت متفرقة ومشتتة، ما أدى إلى تجاهل الإشارات التحذيرية المهمة، وعرّض الجيش الإسرائيلي لصدمة غير مسبوقة على الجبهتين الشمالية والجنوبية.
خطط اغتيال قياديي حماس – فرصة ضائعة
كشف حاليفا أن الشاباك كان يخطط لاغتيال القياديين محمد الضيف ويحيى السنوار بعد الأعياد مباشرة، إلا أن نقص المعلومات الحديثة حال دون تنفيذ العملية. وأضاف:
"كل مرة نعد خطة لاغتيالهم، نراهم يتحركون. يجب جمع معلومات جديدة. لا يوجد أي شيء، أي علامة."
هذا الكشف يوضح التحديات الكبيرة أمام الاستخبارات الإسرائيلية في مراقبة أهداف متحركة داخل بيئة معقدة ومحكومة بتحولات مستمرة، ما يعكس قصورًا منهجيًا في استراتيجياتها.
ضعف القيادة السياسية وتأثيرها على الأمن
هاجم حاليفا وزراء الحكومة الجدد، مثل بن غفير وسموتريتش، بسبب قلة خبرتهم في إدارة الملفات الأمنية والاستخباراتية، مشيرًا إلى أن المناقشات العميقة حول غزة كانت محدودة. وقال:
"كم من المعلومات الاستخباراتية يقرأون؟ كم من الإحاطات يتلقون؟ كم من المناقشات الأمنية العميقة حول غزة أجروا؟"
هذا يشير إلى فجوة حقيقية بين صناع القرار السياسي والخبرة الاستخباراتية، وهو عامل رئيسي في إخفاق الرد على الهجوم.
تصريحات مثيرة حول القتلى – جدل أخلاقي واستراتيجي
أثار حاليفا جدلاً واسعًا بتصريحه أن "حتى الآن 50 ألف قتيل في غزة أمر ضروري للأجيال القادمة"، مؤكدًا أن الأمر يتعلق بـ"إرسال رسالة تاريخية" وليس الانتقام الفردي. هذه التصريحات تكشف العقلية العسكرية التي تتحكم في القرارات الاستراتيجية، وتضع الأسئلة الأخلاقية والسياسية على طاولة البحث الدولي.
تأتي هذه التصريحات وسط استمرار الحرب في غزة وتصاعد الانتقادات الدولية لإسرائيل، كما تكشف ضعف التنسيق بين الأجهزة السياسية والاستخباراتية. وتعيد هذه التسريبات إلى الأذهان إخفاقات إسرائيلية سابقة في التعامل مع الهجمات المفاجئة، من بينها أحداث بيرل هاربر و11 سبتمبر وحرب يوم الغفران 1973، كما أشار حاليفا.
التداعيات المحتملة:
داخليًا: قد تؤدي هذه التسريبات إلى إعادة هيكلة الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية، ومراجعة الخطط الأمنية الاستراتيجية.
إقليميًا: كشف الخطط السرية لاغتيال قياديي حماس قد يزيد التوترات في غزة والمنطقة، ويؤثر على الديناميات العسكرية والسياسية بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.
دوليًا: المجتمع الدولي يعيد النظر في تقييمه لقدرة إسرائيل على إدارة الأزمات، وقد تتصاعد الضغوط الدبلوماسية لتفادي أي عمليات عسكرية مستقبلية مشابهة.
تسجيلات حاليفا تكشف هشاشة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أمام الهجمات المفاجئة، وتبرز الحاجة الماسة لإعادة تقييم الاستراتيجيات الأمنية والسياسية. كما تعكس عمق الأزمة في العلاقة بين الأجهزة السياسية والاستخباراتية، ما يجعل مستقبل الأمن الإسرائيلي تحت المجهر، مع انعكاسات مباشرة على الصراع في غزة والمنطقة.