تصاعدت السياسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني في الفترة الأخيرة لتشكل مزيجًا خطيرًا من الحرب العسكرية والاستفزاز السياسي، في وقت يواصل فيه قادة الاحتلال تكثيف هجماتهم في الضفة الغربية وقطاع غزة.
تُظهر هذه التحركات استراتيجية متعمدة تستهدف إرهاب الفلسطينيين وإحباط أي محاولة لإقامة كيان مستقل لهم، سواء سياسيًا أو عسكريًا.
وفي أحدث مظاهر هذا التصعيد، اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي الأكثر تطرفًا، إيتمار بن غفير، زنزانة الأسير الفلسطيني والقائد في حركة فتح، مروان البرغوثي، موجّهًا تهديدات مباشرة بالقتل، مستخدمًا عبارة استفزازية تحمل رسائل سياسية واضحة: “محوكم يا فلسطينيين”. هذا التهديد لم يكن مجرد كلام، بل يمثل فلسفة شاملة لحكومة الاحتلال تجاه الفلسطينيين، حيث يرى بعض القادة أن أي مقاومة أو مواجهة مع إسرائيل يجب أن تُقابل بالإبادة والضغط الشديد على المدنيين والأسرى على حد سواء.
الخطاب الإسرائيلي تجاه الأسرى الفلسطينيين يعكس نفس السياسة المعتمدة على الأرض، إذ تستمر الهجمات الدامية في غزة والضفة الغربية، ويُجبر المدنيون على النزوح من مناطقهم، بينما يهدد الاحتلال باجتياحات برية جديدة لتوسيع نطاق سيطرته.
في المقابل، يستمر الوسطاء الدوليون والإقليميون بمحاولات تقديم مقترحات لوقف التصعيد وفتح مسار تفاوضي، لكن تصريحات القادة الإسرائيليين تُظهر رفضًا مطلقًا لأي تسوية سياسية، وتستهدف منع قيام دولة فلسطينية مستقلة.
تصريحات رئيس الكنيست الإسرائيلي ووزير المالية المتطرف، التي تمثل موقف الحكومة بشكل عام، تؤكد أن أي اعتراف بفلسطين أو إقامة دولة فلسطينية يُعد هزيمة لحركة حماس وتهديدًا للوجود الإسرائيلي، وهو ما يعكس التوجه الإسرائيلي الرسمي نحو السيطرة الكاملة على الأرض ورفض أي حقوق سياسية للفلسطينيين.
هذا الموقف يترافق مع استغلال الدعم الأمريكي لتسريع العمليات العسكرية، بما يعكس تنسيقًا استراتيجيًا بين إدارة الاحتلال والإدارة الأمريكية لتعزيز السيطرة العسكرية والإبقاء على الفلسطينيين تحت ضغط مستمر.
على المستوى الإنساني، يأتي التقرير الأممي الأخير ليشير إلى ارتكاب قوات الاحتلال لانتهاكات جسيمة، بما في ذلك العنف الجنسي ضد الفلسطينيين في السجون ومراكز الاحتجاز، مع رفض سلطات الاحتلال السماح لمفتشي الأمم المتحدة بالوصول إلى تلك المواقع. هذه الانتهاكات تعكس سياسة منهجية لإرهاب الفلسطينيين وفرض الهيمنة الكاملة على حياتهم اليومية، وتزيد من هشاشة الوضع الإنساني في المناطق الفلسطينية، خصوصًا في ظل استمرار النزوح القسري وغياب أي حماية دولية فعالة.
في هذا السياق، تُظهر الأحداث الأخيرة أن إسرائيل تتبع استراتيجية متكاملة تجمع بين الحرب العسكرية، والاستفزاز السياسي، ورفض الحلول السياسية، والانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين والأسرى الفلسطينيين.
كل ذلك يشكل تحديًا استثنائيًا للحقوق الفلسطينية، ويزيد من تعقيد أي جهود لإيجاد تسوية سلمية.
إذ يبدو أن الهدف النهائي للاحتلال هو ترسيخ السيطرة الكاملة على الأرض، ومنع أي أفق لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مع ترك الفلسطينيين تحت ضغط مستمر على الصعيدين الأمني والسياسي والإنساني.