هل المشروع الاستيطاني الجديد يجهز لدفن حل الدولتين نهائياً؟

غزة _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.15 - 03:43
Facebook Share
طباعة

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، تمضي إسرائيل في تنفيذ خطة لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية ضمن ما يُعرف بـ"مشروع E1" الواقع بين مستوطنة "معاليه أدوميم" في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
هذه المنطقة تُعتبر من أكثر النقاط حساسية في الصراع، إذ يشكل البناء فيها حاجزاً جغرافياً بين شمال الضفة وجنوبها، ما يعني فعلياً تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى جيوب معزولة.
المشروع ليس جديداً؛ إذ طُرح لأول مرة في التسعينيات، لكنه كان يواجه تجميداً متقطعاً تحت ضغط المجتمع الدولي. اليوم، ومع الدعم السياسي من حكومة إسرائيلية يمينية متشددة، تعود الخطة إلى الواجهة بقوة أكبر وبأبعاد توسعية أوسع.

موقف الأمم المتحدة جريمة حرب محتملة:

قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة إن خطة إسرائيلية لبناء آلاف المنازل الجديدة بين مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية وقرب القدس الشرقية غير قانونية بموجب القانون الدولي ومن شأنها أن تعرض الفلسطينيين القريبين لخطر الإخلاء القسري، وهو ما وصفته بأنه جريمة حرب.
المفوضية حذرت من أن المشروع سيقسم الضفة الغربية إلى مناطق معزولة، مؤكدة أن "نقل قوة احتلال لسكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها يعد جريمة حرب". ولفتت إلى أن هذه الممارسات تمثل خرقاً واضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة.
هذا التحذير يسلّط الضوء على البُعد القانوني الخطير للخطة، ويضعها في خانة الانتهاكات الممنهجة التي قد تُعرض إسرائيل للمساءلة الدولية، رغم ضعف آليات التنفيذ على أرض الواقع.

البُعد الديموغرافي والسياسي:

يعيش اليوم نحو 700 ألف مستوطن إسرائيلي بين 2.7 مليون فلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وبحسب الواقع الديموغرافي، فإن أي توسع جديد في المستوطنات يضاعف من معضلة الحل السياسي.
ضم إسرائيل للقدس الشرقية عام 1980، في خطوة لم تعترف بها معظم دول العالم، كان بمثابة وضع الأساس لسياسة توسعية لاحقة. ورغم أن إسرائيل لم تُعلن ضم الضفة الغربية رسمياً، فإن تكثيف الاستيطان، خاصة في منطقة E1، يُترجم عملياً إلى ضم تدريجي بحكم الأمر الواقع.

الأثر الميداني على حياة الفلسطينيين:

تنفيذ المشروع يعني إحاطة القرى الفلسطينية القريبة بجدران وفواصل استيطانية، وحرمان سكانها من الوصول إلى أراضيهم الزراعية أو التنقل بحرية بين شمال الضفة وجنوبها.
هذا النوع من العزل الجغرافي لا يقتصر أثره على الجغرافيا فقط، بل يمتد ليشمل الاقتصاد والحياة الاجتماعية، حيث يصبح الوصول إلى الخدمات الأساسية كالمدارس والمستشفيات أكثر صعوبة.
التجارب السابقة مع مشاريع مشابهة أثبتت أن الإخلاء القسري للفلسطينيين غالباً ما يتم عبر ضغوط غير مباشرة، كفرض قيود على البناء، أو هدم المنازل بحجة عدم الترخيص، أو قطع البنية التحتية الحيوية.

غياب الردع الدولي:

رغم الإدانات الدولية المتكررة، لم تُظهر القوى الكبرى خطوات عملية لوقف المشروع.
الولايات المتحدة اكتفت بتصريحات "قلق" وتحذير من أثره على حل الدولتين، فيما يكتفي الاتحاد الأوروبي بالدعوة لوقف البناء.
المعضلة أن هذه الإدانات لا تقترن بإجراءات رادعة، ما يمنح إسرائيل مساحة واسعة للمضي قدماً.
وفي ظل الانشغال العالمي بأزمات أخرى، يبدو أن ملف E1 يتقدم بهدوء نحو التنفيذ الكامل.

السيناريوهات المحتملة:

إذا اكتمل بناء المشروع، فإن أي مفاوضات مستقبلية حول حل الدولتين ستواجه عقبة جغرافية شبه مستحيلة التجاوز سيكون على الفلسطينيين إما القبول بدولة مجزأة ومقطّعة، أو التمسك برفض أي اتفاق لا يعيد ترابط الضفة الغربية، وهو ما قد يعيد النزاع إلى نقطة الصفر.
أما على الصعيد الميداني، فقد يدفع تنفيذ الخطة إلى زيادة الاحتكاك بين المستوطنين والفلسطينيين، مع ما يحمله ذلك من مخاطر تصعيد ميداني. وفي ظل تراجع الثقة بين الجانبين، فإن المشروع قد يصبح نقطة اشتعال جديدة في المنطقة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 6