انتهاكات الساحل السوري دون توجيهات رسمية حكومية

– وكالة أنباء آسيا

2025.08.15 - 09:07
Facebook Share
طباعة

كشف تقرير صادر عن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة المعنية بسوريا عن جرائم حرب ارتُكبت على الأرجح من قبل قوات الحكومة السورية والمسلحين الموالين للرئيس السابق بشار الأسد في منطقة الساحل السوري، خلال أعمال عنف طائفية بلغت ذروتها في مارس الماضي. التقرير أكد أن نحو 1400 شخص، معظمهم من المدنيين، قتلوا خلال هذه الاعتداءات التي استهدفت بشكل رئيسي الطائفة العلوية، دون وجود أدلة على أي سياسة أو توجيهات حكومية لتنفيذ هذه الهجمات.

وأوضح باولو سيرغيو بينيرو، رئيس اللجنة المستقلة، أن «حجم ووحشية العنف الموثق يمثلان أمرًا مقلقًا للغاية»، مشيرًا إلى أن الانتهاكات تمت على مستوى الفصائل المسلحة والقوات الميدانية، ما يعكس هشاشة الوضع الأمني وفقدان السيطرة في مناطق الساحل.


يقع الساحل السوري على امتداد البحر الأبيض المتوسط، ويشتهر بكونه معقلًا للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السابق بشار الأسد. تشهد المنطقة توترات طائفية متكررة منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، حيث تعرضت المجتمعات المحلية لاعتداءات متبادلة بين فصائل مختلفة، وسط ضعف واضح في فرض القانون والنظام.


أظهرت التحقيقات أن العنف الأخير لم يكن نتيجة أوامر رسمية من الحكومة، بل نتيجة نزاعات محلية بين ميليشيات وفصائل مسلحة، بعضها موالٍ للنظام، وبعضها مستقل، ما يعكس تفكك السيطرة المركزية على الأجهزة الأمنية والعسكرية في مناطق متعددة من الساحل. مثل هذه الانتهاكات تعكس الأزمة المستمرة في بناء دولة قانونية قادرة على حماية مواطنيها، وتزيد من تعقيد جهود المصالحة الوطنية في سوريا.


استند التقرير إلى مقابلات مع أكثر من 200 ضحية وشاهد، فضلاً عن زيارات ثلاث مقابر جماعية. ورحب المبعوث الأميركي الخاص، توم برّاك، بالتقرير واصفًا إياه بأنه «خطوة جادة نحو تقييم المسؤولية عن الانتهاكات»، مؤكداً أهمية متابعة التحقيقات لضمان مساءلة مرتكبي الجرائم وتحقيق العدالة، بما يعزز وحدة الدولة السورية واستقرارها على المدى الطويل.


وفي مارس 2025، شهدت منطقة الساحل السوري، بما في ذلك محافظات اللاذقية وطرطوس، موجة من العنف الطائفي والاشتباكات المسلحة، أسفرت عن مقتل نحو 1400 شخص، معظمهم من المدنيين، وفقًا لتقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة.

 

بدأت الاشتباكات في 6 مارس 2025، عندما شنّت مجموعات مسلحة من مؤيدي نظام بشار الأسد السابق هجمات منسقة على مواقع أمنية وعسكرية في مدن اللاذقية وبانياس وجبلة، بالإضافة إلى مناطق أخرى. أسفرت هذه الهجمات عن مقتل العشرات من أفراد الأمن والمدنيين، وتدمير منشآت حكومية. ردّت القوات الحكومية بهجوم مضاد، استعادت خلاله السيطرة على بعض المناطق، بما في ذلك ضواحي جبلة وبانياس، وأعلنت عن فرض حظر تجول في بعض المناطق.

 

تزامنًا مع الاشتباكات المسلحة، تعرضت مناطق ذات غالبية علوية لعمليات قتل جماعي، يُعتقد أن مرتكبيها هم فصائل مسلحة موالية للنظام السابق، بالإضافة إلى ميليشيات محلية. تُركّزت هذه العمليات في مدن مثل بانياس، حيث قُتل أكثر من 100 شخص في يومين فقط، وفقًا لمنظمة العفو الدولية.

 

خلصت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة إلى أن أعمال العنف في الساحل السوري ترقى إلى جرائم حرب، ارتُكبت على الأرجح من قبل قوات الحكومة السورية الجديدة والمسلحين الموالين للرئيس السابق بشار الأسد. ورغم ذلك، لم تجد اللجنة أي دليل على وجود سياسة أو توجيهات حكومية لتنفيذ هذه الهجمات، مما يشير إلى أن الانتهاكات تمت على مستوى الفصائل المسلحة أو القوات الميدانية دون أمر مركزي من دمشق.

 

رحب المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم برّاك، بالتقرير، واصفًا إياه بأنه "خطوة جادة" نحو تقييم المسؤولية عن الانتهاكات، مؤكدًا ضرورة متابعة التحقيقات لتحقيق العدالة وضمان وحدة الدولة السورية واستقرارها على المدى الطويل.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 6