تشهد الضفة الغربية تصعيداً واسعاً في التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، مع التركيز على مناطق متنازع عليها قرب القدس الشرقية، بما يشكل تهديدًا مباشرًا لإمكانية إقامة دولة فلسطينية متصلة وذات سيادة وفق وكالة وفا الفلسطينية.
الخطوات الأخيرة تشمل موافقة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش على بناء مستوطنة جديدة تضم 3400 وحدة سكنية قرب القدس، إضافة إلى ستة عطاءات لبناء وتوسعة مستعمرات في أرئيل ومعاليه أدوميم بما يقارب 4000 وحدة استعمارية.
تُظهر هذه الخطط أن إسرائيل تسعى إلى ترسيخ تكتلات استيطانية متصلة جغرافيًا، ما يحد من قدرة الفلسطينيين على الحركة ويصعب إقامة دولة فلسطينية متماسكة، المناطق المستهدفة تشمل أراضٍ أثرية وزراعية حيوية، ما يزيد من تعقيد أي تسوية سياسية ويضع المجتمع الدولي أمام تحديات قانونية وأخلاقية.
السيناريوهات المتوقعة :
تصعيد التوتر واندلاع مواجهات:
مع استمرار بناء المستوطنات، قد تتصاعد المواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين، خصوصًا في مناطق التماس والمناطق الزراعية. هذا السيناريو يرفع من احتمالية تدخل قوات دولية لحماية المدنيين، كما يزيد من الضغط على الدول الأوروبية للضغط على إسرائيل لوقف التوسع، وإلا ستتضرر فرص السلام على المدى الطويل.
ضغوط دولية محدودة وتثبيت الواقع الاستيطاني:
في حال اقتصرت التحركات الدولية على الإدانة الكلامية، قد تستمر إسرائيل في بناء المستوطنات، ما يؤدي إلى تثبيت الواقع الجديد على الأرض وتقليص الأراضي القابلة لتأسيس دولة فلسطينية. هذا السيناريو يضع المجتمع الدولي أمام مأزق، حيث تصبح القرارات الرمزية عاجزة عن ردع السياسات الإسرائيلية.
مبادرات دبلوماسية واستراتيجية فلسطينية–أوروبية:
يمكن أن تؤدي الضغوط الدولية، بالتنسيق بين أوروبا والمنظمات الدولية، إلى فرض قيود على تمويل المشاريع الاستيطانية أو فرض عقوبات محددة على الشركات المشاركة، ما قد يحد من وتيرة البناء. هذا السيناريو يوفر فرصة لإعادة إحياء عملية السلام، خاصة إذا تم ربطه بمبادرات سياسية تشمل دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة وفق حدود 1967، كما تنص القرارات الدولية.
تقسيم الضفة الغربية واستراتيجية الفصل:
إذا استمرت إسرائيل في بناء المستوطنات دون أي رد دولي فعال، فقد يؤدي ذلك إلى تقسيم الضفة الغربية إلى شطرين، وفصل القدس الشرقية عن محيطها، ما يخلق واقعًا ديموغرافيًا وجغرافيًا صعبًا، ويجعل أي مفاوضات مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية أكثر تعقيدًا، ويهدد الاستقرار الإقليمي على المدى البعيد.
إستراتيجياً، كل هذه السيناريوهات تتطلب من المجتمع الدولي والمجتمع المدني الفلسطيني وضع خطط واضحة للتعامل مع واقع متغير، سواء عبر الضغط الدبلوماسي، الإجراءات القانونية الدولية، أو تنسيق استراتيجيات مشتركة مع الشركاء الأوروبيين لتأمين الحقوق الفلسطينية.
الاستمرار في الاستيطان يعكس رغبة إسرائيلية في تغيير قواعد اللعبة على الأرض، ما يجعل أي حل سياسي صعب التحقيق إذا لم يكن مدعومًا بإرادة دولية قوية وموحدة.
في النهاية، التوسع الاستيطاني الإسرائيلي يمثل اختبارًا حقيقيًا للقانون الدولي، ولقدرة المجتمع الدولي على حماية حقوق الفلسطينيين، وضمان عدم تقويض جهود السلام القائمة على حل الدولتين. السيناريوهات المطروحة تشير إلى أن كل خطوة إسرائيلية جديدة على الأرض تحمل معها مخاطر إضافية على الاستقرار الإقليمي وعلى مستقبل الحل السياسي، ما يجعل التحرك الدولي الفعال أمرًا عاجلًا وحاسمًا.