في ظل استمرار التصعيد العسكري في قطاع غزة وتصريحات القادة الإسرائيليين حول رؤيتهم لما يُسمى "إسرائيل الكبرى"، يبرز ملف التطبيع العربي مع إسرائيل كموضوع حساس ومعقد. يوضح الأمير تركي الفيصل، رئيس المخابرات السعودية الأسبق، الموقف السعودي الحالي ويبرز الخطوط الحمراء لأي خطوات تطبيعية، مؤكداً التزام المملكة بمبادرات السلام العربية والشرعية الدولية كمرجع أساسي في حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
الموقف السعودي من التطبيع:
أوضح الأمير تركي الفيصل أن المملكة لن تقوم بالتطبيع مع إسرائيل في الظروف الراهنة، معتبراً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمثل "مجرماً مختلاً يمارس الإبادة الجماعية"، وهو ما يجعل أي اتفاق تطبيعي مستحيلاً حالياً. وأكد الفيصل أن المملكة حافظت على تاريخ طويل في دعم السلام، وأن أي خطوات مستقبلية يجب أن ترتكز على إنهاء الأعمال العدائية وإعادة إعمار غزة، وليس على مكافآت رمزية لدولة متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان.
وأشار الأمير إلى أن السعودية، بالتعاون مع فرنسا ودول أخرى، وضعت خطة لإنهاء الصراع في غزة تشمل إعادة تقديم الخدمات الحكومية للسكان، وإعادة الحياة المدنية، ومنح الناس الأمل في المستقبل. وأكد أن أي خطوة لتطبيع العلاقات يجب أن تأتي بعد تنفيذ هذه الإجراءات لضمان حقوق الفلسطينيين واستقرار المنطقة.
رؤية نتنياهو والتحديات الإقليمية:
علق الفيصل على تصريحات نتنياهو حول السيطرة على غزة وتحويلها إلى كيان تحت حكم مستقبلي، مشيراً إلى أن هذه الرؤية تمثل تهديداً مباشراً لأراضي عربية متعددة، بما فيها السعودية، وليس فلسطين وحدها. وأضاف أن ما يُعرض على الخرائط من رؤى توسعية تمتد من النيل إلى الفرات يعكس خطراً استراتيجياً على المنطقة ويؤكد صعوبة أي تطبيع في الوقت الحالي.
وأشار الفيصل إلى أن تصرفات نتنياهو وسياساته العدوانية في غزة، التي أدت إلى مقتل وتشويه أكثر من 100 ألف فلسطيني وتشريد الملايين، تظهر فشل هذه السياسات، وتعكس تهديداً للأمن والاستقرار الإقليمي، بالإضافة إلى أنها تقلل من التأييد الشعبي والدولي له، حتى داخل الولايات المتحدة وأوروبا.
الأبعاد الإنسانية والسياسية:
تعتبر الخطة السعودية الفرنسية لإنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة خطوة عملية لتخفيف المعاناة الإنسانية، وتقديم نموذج لإعادة الاستقرار، وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. وأوضح الأمير أن هذه الخطوات ليست مجرد حلول رمزية، بل تشكل الأساس لأي جهود لاحقة لتحقيق السلام، وتمنع المكافآت غير المشروعة لدولة إسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية.
الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية:
أكد الفيصل أهمية الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية وفق حدود عام 1967، كما نصت قرارات مجلس الأمن 242 و338، موضحاً أن هذه الخطوة تمثل ضغطاً دبلوماسياً على إسرائيل، وتجعل من الممكن للاتحاد الأوروبي والدول الفاعلة اتخاذ إجراءات أكثر تحديداً ضد الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأكد أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يوضح ما لا يمكن لإسرائيل فعله ويضع حدوداً واضحة أمام توسعها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
يبرز موقف المملكة العربية السعودية، كما عبر عنه الأمير تركي الفيصل، أن أي تطبيع مع إسرائيل مرتبط بتنفيذ شروط واضحة تشمل وقف العنف، إعادة إعمار غزة، وضمان الحقوق المدنية للفلسطينيين وفق القانون الدولي.
وهو موقف يرسخ التزام السعودية بمبادرات السلام العربية، ويرفض منح أي مكافآت لإسرائيل على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية، خاصة في ظل السياسات التوسعية المعلنة لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، التي تهدد الاستقرار الإقليمي.