لا يزال النزوح السوري إلى لبنان مستمرًا، غير أن الفترة الأخيرة شهدت تغييرات ملحوظة في التركيبة الاجتماعية والطائفية للوافدين. بعد سقوط النظام السوري، لوحظ أن نسبة العلويين بين النازحين تتزايد، حيث بدأ العديد منهم بإنشاء أعمال ومؤسسات تجارية، ما يعكس توجهًا نحو استقرار طويل الأمد في لبنان.
على الجانب الآخر، يبدو أن جزءًا من النازحين المسيحيين يميل إلى البقاء لفترة محدودة فقط، قبل الانتقال إلى دول أوروبية بحثًا عن فرص أفضل للعمل والتعليم والحياة الكريمة. هذا التحول في أنماط النزوح يعكس تغيرات أعمق في خريطة التحركات السورية خارج البلاد، سواء على صعيد الأهداف أو استراتيجيات الاستقرار.
تشير هذه الديناميات الجديدة إلى تحديات إضافية أمام لبنان، الذي يعاني أصلًا من أزمات اقتصادية واجتماعية متشابكة، تتعلق بالسكن، والخدمات الأساسية، وفرص العمل. فمع وصول فئات جديدة تحمل خصائص اجتماعية وطموحات اقتصادية مختلفة، تتضاعف الحاجة إلى سياسات واستراتيجيات تنظيمية لاستيعاب تداعيات النزوح وتأمين سبل العيش المستقرة لكل الفئات.
كما يُظهر التحليل أن النازحين الذين يخططون للبقاء طويلًا يميلون إلى إدماج أنفسهم في الاقتصاد المحلي، سواء عبر الاستثمار في التجارة أو إنشاء مشاريع صغيرة، بينما يسعى الآخرون إلى الانتقال السريع إلى بلدان تمنحهم فرصًا أوسع، ما يؤدي إلى تفاوت في التأثيرات على المجتمع اللبناني والاقتصاد المحلي.
باختصار، يواصل النزوح السوري التأثير على المشهد اللبناني، لكن الأنماط الجديدة للفئات الوافدة تشير إلى تحول في الأولويات والاحتياجات، ما يفرض على السلطات والمجتمع المدني التفكير في حلول مبتكرة لضمان استقرار جميع الأطراف والتقليل من التوترات المحتملة بين المجتمعات المحلية والوافدة.