يتخرج آلاف الطلاب سنويًا في لبنان حاملين شهادات الثانوية العامة، ليواجهوا تحديًا كبيرًا في تحديد مسارهم المهني واختيار الاختصاص المناسب. في ظل التطور السريع لسوق العمل، ظهرت تخصصات جديدة مطلوبة بشكل ملح، بينما تعاني بعض الاختصاصات التقليدية من فائض في عدد الخريجين، ما يقلص فرص العمل فيها. لذا أصبح من الضروري معرفة المجالات الأكثر طلبًا والأعلى دخلًا لضمان مستقبل مهني ناجح.
لبنان يضم نحو 46 جامعة، منها الجامعة اللبنانية و45 جامعة خاصة، ويتخرج منها سنويًا حوالي 31 إلى 32 ألف طالب، بينما تتوافر فقط 10 إلى 12 ألف وظيفة، ما يزيد الضغط على الشباب لاختيار اختصاصات تلبي احتياجات السوق. ويشير الخبراء إلى أن ضغوط الأهل أو الأصدقاء على الطلاب لاختيار اختصاصات محددة مثل الهندسة أو الطب يمكن أن تؤدي إلى إضاعة سنوات في مجالات لا تتوافق مع ميولهم وقدراتهم، وبالتالي التأثير سلبًا على مستقبلهم المهني والشخصي.
كيفية اختيار الاختصاص المناسب
يؤكد الخبراء أن تحديد الاختصاص يعتمد على عدة عوامل، منها الميول والقدرات والكفاءات والعلامات الدراسية. يُنصح الطلاب بالبدء باختبار الميول Holland الذي يصنف الشخصية إلى ستة أنماط، لتحديد المهن الأنسب لهم، ثم تصفية الخيارات بحسب شغف الطالب ومعرفته العملية والميدانية، لضمان اختيار تخصص يتوافق مع قدراتهم وفرص النجاح في سوق العمل.
الاختصاصات الأكثر طلبًا
تشير الدراسات إلى أن سوق العمل اللبناني سيرتكز خلال السنوات المقبلة على التكنولوجيا، خاصة في مجالات علوم الكمبيوتر، الاتصالات، وتطوير المواقع والتطبيقات، حيث يبدأ راتب المطور من 1500 إلى 3000 دولار شهريًا، مع نقص فعلي يقدر بعشرات آلاف الكوادر. كذلك يبرز قطاع الخدمات مثل رعاية كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، مع رواتب يومية تتجاوز 50 دولارًا، إضافة إلى التخصصات البيئية والصناعية مثل الميكانيك الكهربائي والتدفئة والتبريد التي تعاني نقصًا واضحًا في الكوادر.
كما يشمل الطلب المتزايد مجالات التحول الرقمي، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، الروبوتات، علم البيانات وتحليلها، البرمجة، الأمن السيبراني، الإعلام الرقمي، التوأمة الرقمية، هندسة الاتصالات، ونظم المعلومات الإدارية، حيث أصبح تطوير الكفاءات التكنولوجية شرطًا أساسيًا لأي اختصاص مهني.
اختصاصات يُفضل تجنبها
في المقابل، تتراجع الحاجة لبعض الاختصاصات التقليدية بفعل الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، مثل الترجمة، المحاسبة، التسويق التقليدي، التصميم الجرافيكي، مراكز الاتصال، وبعض الخدمات القانونية التقليدية والمهن العسكرية التي تعتمد على الطيران. هذه التغيرات تشير إلى ضرورة مواكبة التطور والابتكار لضمان استمرارية النجاح المهني.
في ظل هذا الواقع المتغير، أصبح اختيار التخصص الصحيح ومواكبة العصر أمرًا حاسمًا لضمان البقاء في سوق العمل وتحقيق التقدم المهني المستدام.