اللجان الجديدة بالسويداء.. إدارة ذاتية أم تمهيد للانفصال؟

سامر الخطيب

2025.08.11 - 02:32
Facebook Share
طباعة

 تشهد محافظة السويداء، جنوبي سوريا، مرحلة مفصلية بعد إعلان “الرئاسة الروحية” للطائفة الدرزية عن تشكيل “اللجنة القانونية العليا” ولجان تنفيذية لإدارة الشؤون الخدمية والقانونية والأمنية، في ظل غياب فعلي لسلطة الحكومة المركزية. هذا التطور فتح باب التساؤلات حول دوافعه الحقيقية: هل هو محاولة لتنظيم شؤون المحافظة وحماية مؤسساتها؟ أم خطوة تحمل في طياتها أبعاداً سياسية أوسع؟


أهداف معلنة وتنظيم داخلي
اللجنة التي ضمت ستة قضاة وأربعة محامين، أعلنت أن مهامها تشمل إدارة جميع القطاعات، الحفاظ على المؤسسات العامة والخاصة، ومحاربة الفساد ورفع الظلم عن المواطنين. إلى جانبها، شُكّل مكتب تنفيذي مؤقت يضم شخصيات من خلفيات مهنية متعددة، مكلف بمتابعة الملفات الخدمية والإنسانية، من الإغاثة إلى متابعة قضايا المفقودين، وضمان استمرار عمل المشافي والمؤسسات الاقتصادية.


ردود أفعال متباينة
أكاديميون وباحثون محليون رأوا أن الخطوة جاءت كاستجابة لحالة الفراغ الإداري والأمني، ومحاولة لترتيب البيت الداخلي بانتظار حل سياسي أشمل. آخرون اعتبروا الإعلان تحدياً لشرعية الحكومة ومحاولة لفرض أمر واقع يمكن استخدامه كورقة تفاوضية لاحقاً.


المشهد الأمني والقيادة الجديدة
كلفت اللجنة العميد السابق شكيب أجود نصر بقيادة قوى الأمن الداخلي في السويداء، يعاونه العميد السابق أنور عادل رضوان. هذه التعيينات أثارت بدورها الجدل، خاصة أنها تضم ضباطاً من النظام السابق، ما جعل البعض يصفها بأنها خطوة براغماتية لضبط الأمن أكثر من كونها قطيعة كاملة مع الماضي.


موقف الحكومة المركزية
وزارة العدل السورية سارعت إلى إحالة القضاة المشاركين في اللجنة إلى التحقيق، متهمة إياهم بممارسة عمل سياسي يتعارض مع واجباتهم القانونية، وبالعمل بتكليف من جهة غير مجلس القضاء الأعلى. هذا التصعيد القانوني يعكس رفض دمشق لأي إدارة موازية خارج سلطتها.


السياق الأوسع
السويداء، التي لم تشهد سيطرة عسكرية كاملة من الحكومة حتى قبل الأحداث الأخيرة، تعيش منذ أكثر من عامين حالة شبه إدارة ذاتية غير معلنة. التوترات الأخيرة بين فصائل محلية ومكونات عشائرية، وتدخل أطراف خارجية، أبرزت هشاشة الوضع وأعادت رسم خطوط السيطرة.


تشكيل هذه اللجان يعكس ما يمكن وصفه بـ"الاستعصاء السوري" في بعض المناطق، حيث يتراجع حضور الدولة لصالح ترتيبات محلية مؤقتة. ورغم أن القائمين على اللجنة يؤكدون عدم وجود نوايا انفصالية، فإن التجارب السورية السابقة تشير إلى أن استمرار أي إدارة محلية يتطلب دعماً سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وإلا تبقى عرضة للانهيار أو الاحتواء من قوى أكبر.


في المقابل، الحكومة المركزية تنظر بعين الريبة إلى أي كيان قد يرسخ فكرة “الحوكمة المستقلة”، ما يفسر ردها السريع بإجراءات قانونية ضد المشاركين. أما على الصعيد الدولي، فإن بقاء هذه الترتيبات مرهون بمدى قبول القوى الفاعلة إقليمياً ودولياً لها، في ظل استمرار حالة إعادة تشكيل مناطق النفوذ في سوريا.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 1