صرخة من ليبيا.. أنقذوا شباب كوباني وشيران

سامر الخطيب

2025.08.11 - 12:34
Facebook Share
طباعة

 في مشهد إنساني يختلط فيه الألم بالرجاء، يطلق أهالي بلدتي شيران وعين العرب (كوباني) نداءً عاجلاً لإنقاذ أبنائهم المحتجزين في السجون الليبية، بعد رحلة معاناة بدأت في الجزائر وانتهت خلف قضبان لا تعرف للرحمة أو القانون مكاناً.


القصة بدأت حين وجد أكثر من 40 شاباً من أبناء المنطقتين أنفسهم عالقين في الجزائر، محتجزين لمدة تزيد عن خمسة أشهر بسبب أوضاعهم القانونية غير المنتظمة. بدلاً من معالجة ملفاتهم أو منحهم فرصة لتسوية أوضاعهم، تم ترحيلهم في إجراء منسق بين الجزائر وليبيا، ليجدوا أنفسهم في بيئة أشد قسوة وخطورة.


وفق روايات الأهالي، يعاني هؤلاء الشبان في ليبيا من أوضاع اعتقال غير إنسانية، تشمل التعذيب الجسدي والنفسي، وانعدام أبسط مقومات الحياة من غذاء ورعاية صحية، وسط انتشار الأمراض وتدهور الظروف المعيشية. والمأساة لا تتوقف عند حدودهم، إذ تشير الشهادات إلى وجود أكثر من 600 معتقل من دول أفريقية وسورية وأخرى، يواجهون المصير نفسه في ذات السجون.


نداء الأهالي يتجاوز حدود الوجع الشخصي، فهو دعوة موجهة إلى الضمير العالمي وإلى المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية، للضغط على الحكومات المعنية واتخاذ خطوات عملية لإطلاق سراح هؤلاء المحتجزين، وضمان عودتهم الآمنة إلى وطنهم. كما يشددون على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، وتفعيل القوانين الدولية التي تحظر الترحيل القسري والاعتقال التعسفي.


هذه الحادثة تضعنا أمام مشهد مركب من الانتهاكات القانونية والإنسانية، حيث يتقاطع الترحيل القسري مع الاعتقال التعسفي والمعاملة اللاإنسانية. من منظور القانون الدولي، فإن ترحيل أشخاص إلى بلد قد يتعرضون فيه للتعذيب أو سوء المعاملة يُعد انتهاكاً صارخاً لمبدأ “عدم الإعادة القسرية” المنصوص عليه في اتفاقية جنيف واتفاقية مناهضة التعذيب.


كما أن احتجاز هؤلاء الشباب لأشهر في الجزائر قبل ترحيلهم يعكس خللاً في أنظمة اللجوء والهجرة، إذ كان من الممكن — بل من الواجب — دراسة طلباتهم وتقديم حلول قانونية أو إنسانية، بدلاً من تسليمهم لمصير مجهول. الوضع في ليبيا، المعروف بانفلاته الأمني وغياب الضمانات القضائية، يجعل الأمر أشبه برميهم في دائرة جديدة من الخطر.


البعد الإنساني للقضية لا يقل خطورة عن بعدها القانوني. نحن نتحدث عن عشرات العائلات التي تعيش مأساة يومية، بين خوف على حياة أبنائها وشعور بالعجز أمام تعقيدات الواقع السياسي والأمني. استمرار هذا الوضع من دون تدخل دولي حقيقي لا يعني فقط انتهاك حقوق أفراد، بل تكريس ثقافة الإفلات من العقاب وتشجيع الممارسات غير القانونية على المستوى الإقليمي.


المطلوب الآن ليس مجرد بيانات شجب أو تضامن، بل تحرك عملي يضم الأمم المتحدة، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمنظمات الحقوقية، لفتح قنوات تفاوض مع السلطات الليبية وضمان الإفراج عن المحتجزين. القضية لم تعد مسألة هجرة غير شرعية فحسب، بل امتحان مباشر لمدى التزام المجتمع الدولي بحماية حقوق الإنسان في أكثر الظروف قسوة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 6