وسط اشتداد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، استشهد خمسة من الصحفيين الفلسطينيين أمام مستشفى الشفاء، بعدما استهدفتهم غارة إسرائيلية وهم داخل خيمة مخصصة للإعلاميين. جاء هذا الحادث ليضيف فصلًا جديدًا إلى قائمة طويلة من الصحفيين الذين فقدوا حياتهم خلال تغطية الأحداث، ويدق ناقوس الخطر حول تدهور بيئة العمل الصحفي في القطاع المحاصر.
أعلن الجيش الإسرائيلي،مساء الاحد، مسؤوليته عن غارة جوية استهدفت خيمة للصحفيين أمام مستشفى الشفاء في مدينة غزة، أسفرت عن مقتل خمسة صحفيين فلسطينيين، في أحدث حلقة من مسلسل استهداف الصحفيين خلال الحرب المستمرة منذ أشهر.
وبحسب المتحدث العسكري الإسرائيلي، فإن من بين الضحايا الصحفي أنس الشريف، الذي اتهمه الجيش بـ"انتحال صفة صحفي"، زاعمًا أنه كان "زعيم خلية إرهابية تابعة لحركة حماس، وقائد هجمات صاروخية متقدمة على المدنيين الإسرائيليين وقوات الجيش".
وأضافت رواية الاحتلال أن "معلومات استخباراتية ووثائق تم الحصول عليها من غزة، تضمنت قوائم أسماء وتدريبات وسجلات رواتب، تؤكد أن الشريف كان عنصرًا نشطًا في حركة حماس".
الغارة التي استهدفت الصحفيين أسفرت كذلك عن مقتل مصعب الشريف، محمد قريقع، إبراهيم ظاهر، ومحمد نوفل، وجميعهم كانوا يعملون على تغطية التطورات الميدانية في محيط مستشفى الشفاء، أحد أكبر المراكز الطبية في القطاع، والذي يشهد تواجدًا كثيفًا للمدنيين والكوادر الطبية.
يُذكر أن جيش الاحتلال استهدف منذ اندلاع الحرب عشرات الصحفيين الفلسطينيين، بينهم أسماء بارزة مثل إسماعيل الغول، وحسن اصليح الذي قُتل بواسطة طائرة مسيرة إسرائيلية أثناء تلقيه العلاج في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس.
استهداف الصحفيين في غزة أثار إدانات واسعة من مؤسسات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية المعنية بحرية الصحافة، التي اعتبرت أن هذه الاعتداءات تمثل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية التي تضمن حماية الصحفيين في مناطق النزاع.
وتؤكد جهات فلسطينية أن هذه الهجمات تهدف إلى "إسكات الحقيقة" ومنع توثيق الانتهاكات التي ترتكب بحق المدنيين، مشيرة إلى أن العديد من الصحفيين يعملون في ظروف بالغة الخطورة، دون توفر الحد الأدنى من وسائل الحماية.
في المقابل، يرى مراقبون أن التبريرات الإسرائيلية لمثل هذه العمليات غالبًا ما تُواجَه بالتشكيك، خاصة في ظل تكرار استهداف الصحفيين ومقرات وسائل الإعلام، وغياب تحقيقات مستقلة وشفافة.
الحرب المستمرة على غزة منذ أشهر أدت إلى مقتل مئات العاملين في القطاعات المدنية، بينهم أطباء ومسعفون وصحفيون، في ظل تدهور شامل للأوضاع الإنسانية، واستمرار الحصار الذي يفاقم من معاناة أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع.
ويرى متابعون أن استهداف خيمة الصحفيين أمام مستشفى الشفاء يمثل تطورًا خطيرًا في مسار الحرب الإعلامية، إذ لم تقتصر الضربات على ميادين القتال، بل امتدت إلى أماكن يُفترض أنها مناطق آمنة لتغطية الأحداث، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل العمل الصحفي في مناطق النزاع، خاصة في ظل إفلات المعتدين من المحاسبة.