تتجه الحكومة الإسرائيلية اليوم الأحد للمصادقة الكاملة على خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لـ"احتلال غزة"، بالتوازي مع قرار بتجنيد عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، رغم تصاعد موجة احتجاجات داخلية غير مسبوقة تقودها عائلات الأسرى المحتجزين في القطاع.
وبحسب ما نقلته القناة 13 الإسرائيلية، فإن الخطة التي أقرها الكابينت المصغر قبل يومين تقوم على استخدام مكثف للنيران وعمليات "قضم" تدريجية لأحياء مدينة غزة، وصولًا لتطويقها بالكامل، وإجلاء نحو مليون فلسطيني إلى مناطق جديدة ستنشأ داخل القطاع. وتشمل الخطة إقامة 12 نقطة إضافية لتوزيع المساعدات الإنسانية خارج نطاق القتال، في خطوة يرى مراقبون أنها تهدف إلى دفع المدنيين نحو النزوح جنوبًا، بما يشبه عملية تهجير قسرية منظمة.
مصادر في هيئة البث الإسرائيلية أوضحت أن الجيش، الذي يسيطر حاليًا على نحو 75% من القطاع، سيعتمد سياسة السيطرة التدريجية وصولًا للسيطرة الكاملة، دون تحديد جدول زمني واضح لبدء التنفيذ، فيما كشف مسؤول إسرائيلي رفيع لموقع "أكسيوس" أن الخطة الهجومية لن تطبّق على الفور.
أهداف الخطة، كما أعلن مكتب نتنياهو، تتلخص في أربعة بنود: نزع سلاح حركة حماس، إعادة الأسرى أحياء أو أموات، فرض سيطرة أمنية إسرائيلية كاملة على غزة، وإنشاء إدارة مدنية بديلة لا تتبع لا لحماس ولا للسلطة الفلسطينية. لكن هذه البنود تواجه انتقادات حادة من معارضين إسرائيليين وقادة عسكريين سابقين حذروا من أن أي هجوم موسع قد يعرض حياة الرهائن للخطر.
الاحتجاجات التي اجتاحت تل أبيب مساء السبت أظهرت انقسامًا داخليًا متزايدًا، إذ طالب الآلاف بإنهاء الحرب فورًا كشرط للإفراج عن نحو 20 أسيرًا ما زالوا أحياء في غزة، وفق تقديرات رسمية. أما على الصعيد الخارجي، فقد واجهت إسرائيل انتقادات من بعض حلفائها الأوروبيين بسبب خطتها لتوسيع نطاق العمليات، وسط تحذيرات من أن هذا المسار قد يفاقم الأزمة الإنسانية ويدفع بمزيد من المدنيين إلى النزوح.
ويرى محللون أن خطة نتنياهو لا يمكن فصلها عن المسار الأوسع للمخططات الإسرائيلية–الأميركية المعروفة بـ"صفقة القرن"، والتي تسعى إلى إعادة رسم خريطة الوجود الفلسطيني عبر تقليص المساحة الجغرافية التي يعيش عليها السكان، وتفكيك البنية الإدارية والسياسية في غزة والضفة. فسياسة "القضم" وتفريغ مدينة غزة من سكانها تتسق مع استراتيجية تحويل القطاع إلى مناطق معزولة يسهل التحكم بها أمنيًا واقتصاديًا، مع الدفع باتجاه إقامة إدارة مدنية بديلة موالية لتل أبيب، وهو ما قد يفتح الطريق أمام ترتيبات إقليمية أوسع تهدف لإنهاء أي أفق لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
تأتي هذه الخطة في ظل حرب استنزاف طويلة بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، بدأت بعد أحداث أكتوبر 2023، وأدت حتى الآن إلى دمار واسع النطاق وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا، إلى جانب حصار خانق على القطاع. وتعد خطوة إقرار "خطة احتلال غزة" مؤشرًا على نية تل أبيب حسم الصراع ميدانيًا عبر فرض وقائع جديدة على الأرض، رغم الضغوط الدولية المتزايدة للمضي في مسار سياسي يضمن وقف إطلاق النار.