أصدر مركز “ألما” الإسرائيلي للأبحاث تقريرًا يوم الخميس 7 أغسطس 2025، يؤكد أن الظروف الأمنية الحالية تمنع إسرائيل من الانسحاب الآمن والمستدام من المناطق الحدودية في سوريا ولبنان. ويؤكد التقرير أن تواجد القوات الإسرائيلية في جنوب سوريا ليس مجرد ورقة تفاوض مؤقتة، بل يمثل موقفًا استراتيجيًا طويل الأمد نابعًا من معطيات سياسية وعسكرية معقدة.
يرى مركز “ألما” أن التوترات الأمنية المستمرة على الحدود الشمالية لإسرائيل، مع لبنان وسوريا، تجعل أي انسحاب غير ممكن في ظل غياب الضمانات التي تضمن استقرارًا دائمًا. ويشير التقرير إلى أن هناك نشاطًا دبلوماسيًا دوليًا مكثفًا يهدف إلى استقرار الوضع على الحدود، لكن المتطلبات التي وضعتها إسرائيل لأي انسحاب آمن غير متوفرة حاليًا، ولا يبدو أنها ستكون متاحة في المستقبل القريب.
في سوريا، يوضح التقرير أن ما يسمى بـ”النظام السني الجديد”، بقيادة أحمد الشرع، يسعى لإعادة فرض سيطرة الدولة المركزية على كامل الأراضي السورية، وهو هدف يتعارض بشكل مباشر مع مطالب إسرائيل الأمنية بإنشاء منطقة عازلة واسعة ومنزوعة السلاح في جنوب سوريا تشمل الأراضي الواقعة جنوب دمشق.
ويشير التقرير إلى أن الجيش السوري الحالي يتألف من عناصر ميليشيات مختلفة، من بينهم ما وصفهم بـ”الجهاديين السابقين”، الذين تورطوا في عمليات عنف طائفية في مناطق الساحل والسويداء خلال مارس ويوليو 2025، ما زاد من مخاوف إسرائيل الأمنية تجاه المنطقة.
ويوضح مركز “ألما” أن وجود الجيش الإسرائيلي يتمركز في خمس نقاط متقدمة في جنوب لبنان، وتسعة مواقع على الجانب السوري من خط الفصل لعام 1974، مؤكداً أن هذا التمركز هو “موقف أمني ضروري وطويل الأمد”، وليس مجرد أداة مساومة سياسية.
كما يشير التقرير إلى أن كل من سوريا و”حزب الله” يرفضان تلبية الشروط الإسرائيلية للانسحاب من الجبهتين الشمالية والجنوبية، ما يعزز من تعقيد المشهد الأمني ويجعل أية مفاوضات تتجاهل هذا الصراع الأساسي عرضة للفشل.
ويرى مركز “ألما” أن العقيدة الأمنية الإسرائيلية الجديدة تركز على إزالة قدرات “العدو” على الحدود، وتستبعد نهج الاحتواء أو ضبط النفس. ويعتبر التقرير أن الهجوم الكبير الذي شنته حركة “حماس” في أكتوبر 2023 قد أعاد تشكيل الاستراتيجية الأمنية لإسرائيل، وفرض عليها تبني سياسة أكثر تشددًا تجاه عناصر المقاومة المسلحة على حدودها.
في ضوء هذا الواقع، يؤكد التقرير أن إسرائيل ستبقي على وجودها العسكري في المناطق الحدودية، وستواصل تعزيز مواقعها بهدف حماية أمنها القومي، حتى تتوفر شروط تضمن لها انسحابًا آمنًا ومستدامًا، وهو ما لا يبدو واردًا في الأفق القريب بحسب مركز “ألما”.