في اتصال هاتفي بين القاهرة ورام الله، طفت على السطح مجددًا مخاوف انفجار إقليمي واسع، بعد قرار الحكومة الإسرائيلية بإعادة احتلال قطاع غزة وتهجير سكانه جنوبًا.
تحذيرات متصاعدة، وغضب دبلوماسي رسمي من أعلى المستويات، إذ وصف الرئيس الفلسطيني القرار بـ"الجريمة الجديدة"، بينما شدّد الرئيس المصري على رفض "تهجير الفلسطينيين من أرضهم"، في موقف يعكس بداية تحرك إقليمي مضاد قد يعيد رسم المشهد السياسي للمنطقة.
تحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم، في محادثة هاتفية تناولت التطورات الأخيرة المرتبطة بقرار إسرائيل احتلال قطاع غزة مجددًا.
ووفقًا للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، فإن عباس شكر مصر على موقفها الداعم والثابت من القضية الفلسطينية، وعلى المساعدات الإنسانية المستمرة، في ظل الكارثة التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني في غزة.
الرئيس الفلسطيني لم يكتفِ بالشكر، بل أطلق تحذيرًا صريحًا من "الجريمة الجديدة" التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن القرار الأخير يُضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات في الضفة الغربية والقدس.
عباس أعلن كذلك عن نيته التحرك على جميع المستويات السياسية، إقليميًا ودوليًا، في محاولة لحشد الدعم ضد مخططات إعادة الاحتلال، مؤكدًا التوجه لمجلس الأمن الدولي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي.
من جهته، جدّد الرئيس المصري موقف بلاده "الرافض بشكل قاطع" لأي محاولات تهجير جماعي للفلسطينيين، مشددًا على استمرار التحركات المصرية لوقف إطلاق النار، وتأمين المساعدات، والسعي لإطلاق سراح الرهائن والأسرى.
تأتي هذه التصريحات في سياق تصاعد متسارع للتوتر في المنطقة، بعد أن صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) فجر اليوم الجمعة 8 أغسطس 2025، رسميًا على خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لفرض السيطرة العسكرية الكاملة على مدينة غزة، كخطوة أولى ضمن خطة أوسع تشمل القطاع بأكمله.
وجاءت هذه المصادقة بعد سلسلة من اللقاءات المغلقة والمشاورات الأمنية والعسكرية، انتهت بتبنّي المقترح المقدم من نتنياهو ووزير الدفاع، الذي ينص على "السيطرة الميدانية الشاملة على مناطق الشمال في قطاع غزة"، في خطوة وُصفت داخل إسرائيل بأنها "انتقال من مرحلة القتال إلى مرحلة الحسم الإداري والعسكري".
ووفقًا للبيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء، فإن الخطة تهدف إلى "تفكيك البنية العسكرية لحركة حماس وضمان عدم عودة التهديد من قطاع غزة"، كما تفتح الباب أمام "ترتيبات مستقبلية لإدارة القطاع بالتعاون مع أطراف إقليمية"، دون تقديم تفاصيل إضافية.
وفي ظل سعي إسرائيل لإعادة احتلال غزة وفرض وقائع جديدة على الأرض، تعود القاهرة ورام الله لتشكّلا جبهة تحذير علنية من نتائج كارثية. مصر، بثقلها الإقليمي، تحاول تطويق القرار الإسرائيلي دبلوماسيًا، بينما تسعى السلطة الفلسطينية إلى إعادة ترميم شرعيتها داخل القطاع، بمساعدة عربية ودولية. وبينما يسود الجمود الدولي، يبدو أن المنطقة على أبواب صيف سياسي ساخن، تتجاوز فيه التهديدات حدود غزة، لتطال أسس الاستقرار الإقليمي بأكمله.