وصف الدكتور محمد ربيع الديهي، الباحث المتخصص في العلاقات العربية والدولية، قرار الحكومة الإسرائيلية باحتلال غزة بالكامل بأنه تحدٍ سافر للشرعية الدولية والمواثيق والقرارات الأممية، معتبراً أنه يكشف عن توجه إسرائيلي واضح نحو تعميق الفوضى الإقليمية ونسف أي أفق للاستقرار أو السلام.
وقال الديهي، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء آسيا، إن هذه الخطوة تمثل "نقطة تحول خطيرة في شكل النظام الإقليمي"، وقد تؤدي إلى مزيد من الانفجار في المنطقة، خاصة أن تداعياتها ستكون مركّبة على أكثر من مستوى.
داخليًا: رجّح الديهي أن يؤدي القرار إلى تصاعد الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، وزيادة حدة التظاهرات المطالبة بوقف إطلاق النار، في ظل استمرار احتجاز الأسرى، إضافة إلى الانقسامات داخل الحكومة، حيث أبدى عدد من القادة العسكريين معارضتهم لهذا المخطط.
إقليميًا: رأى أن الاحتلال يسعى إلى تنفيذ مشروعه بترحيل سكان غزة إلى دول الجوار، في محاولة لتغيير الواقع الديموغرافي، وهو ما سيُبقي المنطقة في حالة دائمة من عدم الاستقرار ويزيد من احتمالات اتساع رقعة الصراع.
دوليًا: اعتبر أن صمت المجتمع الدولي وعدم اتخاذ قرارات حاسمة ورادعة تجاه إسرائيل يُعدّ بمثابة "تمهيد لشرعنة مرحلة جديدة في النظام الدولي، تُصبح فيها احتلالات الدول أمرًا ممكنًا ومقبولًا"، وهو أمر بالغ الخطورة.
وأضاف الديهي أن الرفض العربي والدولي الواسع لمخطط تهجير سكان غزة
كان سببًا رئيسيًا في إفشال العديد من خطط نتنياهو، مشيرًا إلى أن الخسائر التي تكبدها جيش الاحتلال داخل القطاع كبيرة للغاية.
وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية تحاول الآن البحث عن أي إنجاز عسكري يُسوَّق أمام الرأي العام الداخلي لتبرير هذه الخسائر، وتخفيف حدة الانقسامات الداخلية، ولصرف الأنظار عن قضايا الفساد والاتهامات التي تلاحق نتنياهو نفسه.
في تطور بالغ الخطورة، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، فجر الجمعة 8 أغسطس 2025، أن المجلس الوزاري (الكابينيت) قد صادق بالإجماع على خطة بنيامين نتنياهو لفرض السيطرة الكاملة على قطاع غزة، وذلك بعد مداولات مكثفة استمرت أكثر من عشر ساعات.
وتشمل الخطة اجتياحًا بريًا شاملًا لما تبقى من مناطق مأهولة في مدينة غزة، وفرض ترتيبات أمنية وإدارية جديدة، في ظل غياب أي مسار سياسي واضح، ما يعزز المخاوف من تحوّل مؤقت إلى احتلال طويل الأمد.
ويأتي هذا القرار في وقت تعاني فيه إسرائيل من أزمة داخلية خانقة، مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية المطالبة بوقف الحرب والإفراج عن الأسرى، وازدياد الانتقادات من داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية للسياسات الحكومية التي يراها البعض مغامرة غير محسوبة العواقب.
من جانب آخر، حذرت جهات أممية ودولية من كارثة إنسانية محققة في غزة في حال تنفيذ الخطة، في ظل دمار شامل في البنية التحتية، وانهيار الخدمات، ونزوح عشرات الآلاف من المدنيين.
وتتهم مؤسسات حقوقية إسرائيل بالسعي لتغيير التركيبة السكانية للقطاع، ودفع السكان قسرًا إلى النزوح خارج حدود فلسطين التاريخية.