نهاية "عربات جدعون" تفجر صدامًا خطيرًا داخل إسرائيل

انقسام حاد في المؤسسة الإسرائيلية حول غزو غزة الكامل وسط تحذيرات عسكرية من "الهاوية"

2025.08.07 - 03:23
Facebook Share
طباعة

القدس- وكالة أنباء آسيا

 

في تصعيد غير مسبوق للخلاف داخل المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية، أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، اليوم الخميس، انتهاء "عملية عربات جدعون" في قطاع غزة، بالتزامن مع تجدد المواجهة العلنية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن مستقبل الحرب.

 

وفي خطاب داخلي حاد اللهجة خلال اجتماع لمنتدى هيئة الأركان العامة، أقر زامير بوجود "اختلافات حادة في الرأي" مع القيادة السياسية، مؤكداً أن الجيش "سيواصل التعبير عن موقفه دون خوف، وبأسلوب عملي ومستقل ومهني"، مضيفاً أن "ما يهمنا هو مصلحة الدولة وأمنها فقط".

 

زامير شدد على أن "عملية جدعون حققت أهدافها"، وأن الجيش "سيواصل القتال على كافة الجبهات"، ملوّحاً بأن إسرائيل "باتت قادرة على رسم حدود أمنية جديدة عبر الاستهداف المتواصل لأعدائها"، في ما بدا رسالة مزدوجة للخصوم ولصانعي القرار السياسي.

 

ويأتي هذا الموقف في وقت يتحضر فيه "الكابينيت" السياسي والأمني لعقد اجتماع مفصلي اليوم، لبحث خطة الجيش لاحتلال كامل لقطاع غزة، وسط انقسام حكومي واضح بين تيار يدفع نحو اجتياح بري شامل، وآخر يفضل نهجًا أقل تكلفة سياسياً وعسكرياً.

 

وبحسب ما نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، فإن المطروح على الطاولة هو قرار مبدئي يقضي باستكمال السيطرة العسكرية الكاملة على أراضي القطاع، ضمن عملية قد تمتد لخمسة أشهر، وتتضمن "تشجيع الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من غزة، وهي صيغة وُصفت دولياً بأنها "تطهير ناعم".

لكن رفض زامير لهذه الخطة كان صريحاً، إذ نقلت "رويترز" عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين أن رئيس الأركان أبدى معارضة شديدة خلال جلسة مشاورات أمنية عقدت الثلاثاء، محذراً من أن الاحتلال الكامل قد يؤدي إلى "انخراط طويل الأمد في القطاع"، ويعرّض "حياة الرهائن الإسرائيليين في غزة للخطر"، في إشارة إلى مئات الأسرى الذين لم تستطع إسرائيل إعادتهم حتى الآن رغم مرور أكثر من 10 أشهر على الحرب.

 

زامير، الذي يُعرف بكونه من أكثر قادة الجيش استقلالاً في مواقفه، عاد ليؤكد أن "ثقافة الجدل جزء لا يتجزأ من تاريخ شعب إسرائيل، وتشكل عنصراً أساسياً في الثقافة التنظيمية للجيش"، في ما بدا كأنها رسائل ضمنية لنتنياهو نفسه، الذي بات متّهماً بتهميش قادة الجيش وتحميلهم أعباء القرارات السياسية.

 

من "عربات غدعون" إلى نوايا الاحتلال الكامل

عملية "عربات جدعون" التي أعلن رئيس الأركان الإسرائيلي انتهائها رسميًا، هي واحدة من أكثر العمليات العسكرية دموية وتعقيدًا في الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.

 

أُطلقت العملية في مايو 2025 كمرحلة تصعيد جديدة، واستهدفت - حسب الرؤية الإسرائيلية - "تفكيك البنية التحتية لحماس والجهاد الإسلامي"، لكنها تحوّلت سريعًا إلى حملة تدمير شامل للبنية التحتية المدنية، مترافقة مع مجازر موثقة بحق السكان.

 

وجاء إطلاق هذه العملية في سياق أزمة سياسية وأمنية داخلية خانقة، حاول خلالها بنيامين نتنياهو إنقاذ مستقبله السياسي المنهار عبر تغيير قواعد اللعبة في الميدان، والتلويح بورقة الاحتلال الكامل للقطاع.

 

خطة نتنياهو الجديدة تقوم على إعادة فرض السيطرة الإسرائيلية المباشرة على كامل أراضي غزة، في خطوة تعتبر انقلابًا على ما يُعرف بـ"خطة فك الارتباط" التي نفذها أرئيل شارون عام 2005.

 

وتقترح الخطة نشر قوات إسرائيلية في عموم القطاع، وتشجيع تهجير المدنيين الفلسطينيين إلى الخارج تحت شعار "الهجرة الطوعية"، وهي صيغة أثارت سخطاً حقوقياً دولياً.

 

لكن المؤسسة العسكرية، وعلى رأسها زامير، رأت في هذه الخطة "مغامرة غير محسوبة" قد تنتهي بإغراق الجيش في مستنقع استنزاف جديد لا يملك أفقًا زمنيًا، وسط مقاومة فلسطينية متجذرة، وأزمة رهائن لا تزال عالقة.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 6