غزة- وكالة أنباء آسيا
في تطور يُنذر بتصعيد دموي طويل الأمد، كشفت وسائل إعلام عبرية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستعد لتقديم خطة تفصيلية لمجلس وزرائه تهدف إلى احتلال كامل لقطاع غزة، بما في ذلك مدينة غزة والمخيمات المركزية، في عملية عسكرية واسعة تمتد لعدة أشهر.
ووفقًا لموقع "i24" العبري، فإن الخطة تتضمن مناورات ميدانية تستمر من 4 إلى 5 أشهر، بمشاركة ما بين أربع وخمس فرق عسكرية، وسط توقعات بدفع مئات آلاف المدنيين الفلسطينيين جنوبًا، لتفريغ المناطق المستهدفة من السكان.
تجاهل متعمّد لقضية الرهائن
الخطة – التي يُتوقع أن تُعرض على "الكابينت" الإسرائيلي الخميس – تتجاهل بشكل شبه كامل ملف الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، رغم أن المناطق المقرر تنفيذ المناورات فيها تشمل أماكن يُعتقد أن الرهائن موجودون بها. ورغم ذلك، تَعِدُ الخطة بـ"بذل الجهود لتجنب الإضرار بهم"، بحسب الرواية الإسرائيلية.
المعارضة: كارثة استراتيجية
ردود الفعل لم تتأخر، إذ هاجم زعيم المعارضة يائير لابيد المقترح بشدة، قائلاً: "احتلال غزة فكرة سيئة للغاية. لا تُقدم على مثل هذه الخطوة إلا إذا أيدك أغلبية الشعب. شعب إسرائيل غير مهتم بهذه الحرب. سندفع ثمنًا باهظًا جدًا لها".
التصريح جاء عقب اجتماع أمني امتد لثلاث ساعات بين نتنياهو وكبار قادة الجيش، لبحث "الخيارات العسكرية" في القطاع المحاصر، والذي يعاني من كارثة إنسانية متواصلة منذ أشهر.
لم يكن إعلان بنيامين نتنياهو عن خطته لاحتلال غزة مفاجئًا بالكامل، فقد مهد لها قبل أيام قليلة خلال مؤتمر صحفي مشحون، حين أعلن أمام عدسات الكاميرا وبنبرة قاطعة أن "الحل الوحيد هو السيطرة الكاملة على غزة"، مضيفًا أن الحرب لن تتوقف "قبل سحق حماس وإنهاء تهديدها للأبد".
هذا التصريح، الذي أثار موجة من الجدل داخليًا وخارجيًا، اعتبره كثير من المحللين تصعيدًا غير محسوب العواقب، خاصة وأنه يأتي في وقت تشهد فيه إسرائيل حالة من الانقسام الحاد بين المستويين السياسي والعسكري.
ففي الأيام التي تلت ذلك الإعلان، تسربت معلومات عن معارضة شديدة من قادة كبار في الجيش والمخابرات، أبرزهم جنرالات سابقون خدموا في مناصب عليا، عبّروا عن رفضهم لفكرة "احتلال غزة بالكامل"، واعتبروها مغامرة مكلفة وغير قابلة للتحقيق على الأرض.
وقال أحد الجنرالات السابقين – رفض الكشف عن اسمه – في تصريحات نقلتها الصحافة العبرية:
"من يطرح فكرة الاحتلال لا يفهم شيئًا عن غزة. السيطرة على مليوني إنسان وسط خراب ومعارضة مسلحة دائمة ستدخل إسرائيل في مستنقع لا خروج منه".
كما عبّر مسؤولون في جهاز "الشاباك" عن قلقهم من أن تؤدي الخطة إلى تصاعد العمليات في الضفة الغربية ومناطق الداخل الفلسطيني، وانهيار التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، ناهيك عن تفجير الجبهة الشمالية مع حزب الله.
وفي الوقت الذي يواصل فيه نتنياهو اللعب بورقة "الاحتلال الكامل"، يرى خصومه – بمن فيهم من داخل المؤسسة العسكرية – أن رئيس الحكومة يوظف الحرب لإطالة عمره السياسي، على حساب أرواح الجنود والمدنيين على حد سواء.
ما وراء السطور
طرح خطة بهذا الحجم في هذا التوقيت قد يُفسَّر كـ"هروب إلى الأمام" من قبل نتنياهو، الذي يواجه غضبًا داخليًا متصاعدًا بسبب إخفاقاته الأمنية، والانقسامات داخل حكومته، وتدهور صورته أمام أهالي الرهائن.
كما يُرجح أن تهدف الخطة إلى ابتلاع الوقت، والالتفاف على أي مبادرة تهدئة دولية، عبر فرض وقائع ميدانية جديدة على الأرض، خاصة في ظل صمت أمريكي لافت، وانشغال العالم بملفات أخرى.