في تطور لافت ضمن سياق الدور المصري تجاه الأزمة في قطاع غزة، نفّذ الجيش المصري عمليات إنزال جوي لمساعدات إنسانية خلال الأيام الماضية، مستخدمًا طائرات نقل عسكرية لإيصال الإمدادات إلى المناطق المعزولة داخل القطاع، في ظل تعذر وصول المساعدات برًا بفعل استمرار القصف الإسرائيلي وإغلاق المعابر.
الفيديو الذي بثته القوات المسلحة المصرية، الأربعاء، وثّق عمليات الإسقاط، ووجّه من خلاله رسالة مباشرة إلى سكان غزة، اعتبر فيها أن صمود الفلسطينيين وتضحياتهم "وسام فخر واعتزاز للعروبة بأكملها"، في إشارة لرمزية الدعم المصري وتوقيته.
المتحدث العسكري أشار إلى أن 12 طائرة عسكرية شاركت في العملية على مدار ثلاثة أيام، محمّلة بكميات كبيرة من المواد الغذائية، في الوقت الذي تواصل فيه مصر جهودها لإدخال شاحنات المساعدات عبر معبر رفح، رغم القيود اللوجستية والتنسيقية المفروضة على الأرض.
بالتوازي، جاءت تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتضع الموقف في إطار سياسي أكثر وضوحًا، حيث اعتبر أن الحرب الدائرة في غزة خرجت عن أهدافها المعلنة، وباتت تستهدف التجويع والإبادة وتصفية القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن مصر كانت طوال السنوات الماضية تدرك خطورة تفجّر الوضع في القطاع، وتسعى للحيلولة دون وقوعه.
السيسي أوضح أن من بين خمسة معابر تربط غزة بالعالم الخارجي، تسيطر مصر على واحد فقط هو معبر رفح، بينما تخضع باقي المعابر للسيطرة الإسرائيلية، في تأكيد على محدودية السيطرة المصرية على حركة المساعدات، رغم ما يُثار من اتهامات أو ضغوط.
التحرك المصري، سواء عبر البيانات الرسمية أو المساعدات الميدانية، يعكس محاولة واضحة للتوازن بين الموقف السياسي والدور الإنساني، وسط بيئة إقليمية مشحونة وضغوط دولية متصاعدة. ففي الوقت الذي تتهم فيه إسرائيل باستخدام المساعدات كورقة ضغط، تحاول القاهرة تقديم نفسها كفاعل إنساني يحافظ على الحد الأدنى من الدعم، دون أن تنزلق إلى مواجهة مباشرة مع الأطراف الدولية أو الإقليمية.
ومع تزايد الانتقادات الدولية لعجز المجتمع الدولي عن وقف الكارثة، تُقرأ رسائل الجيش المصري الأخيرة كجزء من تحرك محسوب لإعادة تثبيت الدور المصري في القضية الفلسطينية، من بوابة الدعم الرمزي والعملي في آن واحد، مع الحرص على الحفاظ على الخطوط السياسية المفتوحة مع مختلف الأطراف.www.facebook.com/share/v/1KLdwWPifA/
في النهاية، يتجاوز التحرك المصري حدود الإغاثة الطارئة، ليشكّل رسالة سياسية بصيغة عسكرية وإنسانية في الوقت ذاته، تعكس موقفًا محسوبًا يوازن بين ضغوط الواقع وسقف السياسة الممكنة.