لقاء استراتيجي بريطاني - سوري: هل تنعش العلاقات؟

سامر الخطيب

2025.08.06 - 10:51
Facebook Share
طباعة

 التقى مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول، يوم الثلاثاء في دمشق، بالرئيس السوري أحمد الشرع، في خطوة مهمة تأتي بعد زيارة وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إلى العاصمة السورية قبل نحو شهر. هذا اللقاء يعكس محاولة جديدة لتعزيز العلاقات بين البلدين وسط أجواء إقليمية ودولية متوترة.


في حضور وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني ورئيس الاستخبارات العامة حسين السلامة، ناقش الجانبان آفاق التعاون المستقبلي، حيث شدد الشرع على استعداد سوريا لقبول المبادرات التي تحترم سيادتها وقرارها الوطني المستقل، مع التركيز على دعم الأمن والاستقرار الإقليمي.


إعادة العلاقات الدبلوماسية.. خطوات بطيئة ومتحفظة
على الرغم من الإعلان الرسمي عن استعادة العلاقات الدبلوماسية بين سوريا وبريطانيا، لا تزال السفارات مغلقة ولا يتم تبادل السفراء حتى الآن. هناك تحفظات لوجستية وسياسية تبطئ عملية إعادة فتح السفارات، حيث يحتاج مقر السفارة البريطانية في دمشق إلى ترميمات كبيرة بعد أن ترك مهجوراً منذ عام 2012. كما أن هناك قلقًا أمنيًا بسبب الصراعات الداخلية في سوريا، ما يجعل بعض الدول الغربية تتعامل بحذر شديد مع الحكومة السورية.


مراقبون يرون أن لندن تتأرجح بين الرغبة في التأثير على المرحلة الانتقالية بسوريا، وبين الحذر الشديد من التعامل المباشر مع النظام الجديد. فبينما كانت بريطانيا أول من رفع بعض العقوبات عن سوريا في مارس الماضي، إلا أن وتيرة الانفتاح والتواصل الرسمي مع دمشق بطيئة مقارنة بدول مثل فرنسا التي استضافت الرئيس الشرع في مايو.


قنوات خلفية ودبلوماسية غير مباشرة
تلعب الدبلوماسية البريطانية أدواراً غير معلنة عبر قنوات خلفية، أبرزها من خلال الممثلة الخاصة آن سنو، التي كانت أول دبلوماسية غربية تزور دمشق بعد سقوط النظام السابق في ديسمبر. اشتهرت سنو بعلاقاتها القوية مع المسؤولين السوريين وبتمهيدها الطريق أمام رفع العقوبات البريطانية، إضافة إلى إدارتها برامج المساعدات في شمال غربي سوريا.


مؤسسة "إنتر ميديت" البريطانية للوساطة تلعب أيضاً دوراً محورياً في المفاوضات مع الحكومة السورية، رغم تعرضها لانتقادات بسبب غموض تفاصيل عملها، إذ يرفض المسؤولون البريطانيون الإفصاح عن جلسات هذه المحادثات بحجة أنها نقاشات خاصة.


تحديات الجالية السورية في بريطانيا
يعاني السوريون المقيمون في بريطانيا من غياب القنوات الرسمية لتوثيق معاملاتهم، حيث يشكو البعض من تعقيدات وتضارب في الوثائق بسبب غلق السفارة السورية في لندن منذ 2012. هذا الأمر يعيق عودتهم والعمل في بلدهم الأم، ويؤكد ضرورة إعادة فتح السفارات لتسهيل الإجراءات وحماية المواطنين.


مساعدات بريطانية عاجلة للسويداء
في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة في محافظة السويداء، أعلنت الحكومة البريطانية عن حزمة مساعدات طبية وإنسانية بقيمة 1.7 مليون جنيه إسترليني لدعم النازحين والمتضررين. تشمل المساعدات فرقاً طبية متنقلة، أدوية، معدات علاجية، دعم للنساء الحوامل والأمهات الجدد، فضلاً عن توفير الغذاء والمياه النظيفة وخدمات النظافة.


وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكونر وصف الوضع في السويداء بأنه "كارثي" بعد موجة العنف التي أجبرت الكثيرين على النزوح، مؤكداً ضرورة استمرار وصول المساعدات وحث الأطراف على وقف إطلاق نار دائم ومحاسبة المسؤولين عن العنف.


التزام بريطاني مشروط
تؤكد بريطانيا استمرار دعمها للانتقال السياسي في سوريا على أن يكون شاملاً ويمثل كافة الأطياف، ويصون حقوق جميع السوريين. إلا أن مسار إعادة العلاقة مع دمشق ما زال يواجه عقبات كبيرة على الصعيد السياسي والأمني، ما يطرح تساؤلات حول جدية التزامات لندن في هذه المرحلة الحساسة.


خلاصة
اللقاء بين مستشار الأمن القومي البريطاني والرئيس الشرع يعكس بداية تحرك دبلوماسي جديد بعد سنوات من القطيعة، لكنه يبقى محفوفاً بالتردد والحذر البريطاني، وسط عراقيل داخلية وسياقات إقليمية معقدة. يبقى السؤال: هل ستتجاوز العلاقات بين البلدين هذا الجمود لتفتح آفاقاً جديدة للتعاون، أم أن العوائق السياسية واللوجستية ستبقي الوضع على حاله لفترة أطول؟

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 10